أبو ذر السماوي
بات السباق محموماً بين الكتل السياسية لإيجاد مساحة أكبر لها على الخارطة الانتخابية وان تنال مكتسبات جديدة في المرحلة القادمة ولا يكاد يمر يوم أو تمضي ساعة إلاّ وتطالعنا نغمة جديدة ورواية حديثة وموقف مُغاير لما عهدناه عن هذه الكتلة او تلك، واذا كانت هذه الطموحات لابُدّ لها أنّ تمر عبر صناديق الاقتراع ووجود جهة مستقلة تدير العملية الانتخابية ففي العراق توجد مفوضية عليا للانتخابات وأنتجت انتخابات وبمراحل وظروف صعبة ومن بين ما أنتجته البرلمان الحالي والحكومة الحالية وباختلاف الاتجاهات والحسابات، فالكثير قال عنها ناجحة وبغض النظر عما حدث وما ترتب ونتج عنه اليوم انتهت صلاحية هذه المفوضية وكان من المفروض على البرلمان ان يسبق هذه الوقت بكثير لإيجاد بديل ويجنب البلاد شبح الفراغ السياسي، ان جعل المفوضية الحالية تحت الضغط والابتزاز أمر مرفوض وغير مقبول وهو ما حدث فعلاً في عمليّة اعتقال رئيس مجلس المفوضين فرج الحيدري على خلفية دعاوى قضائية قدمتها دولة القانون ممثلة بالنائبة حنان الفتلاوي ومن ثم الإفراج عنه بكفالة وبعدها يلتقي به رئيس الوزراء زعيم دولة القانون نوري المالكي أمور لا يشبه احدها الآخر تقاطعات لا تلتقي عند نقطة واحدة وما زاد الطين بله هو التمديد للمفوضية لمدة محددة لا تستطيع فيها أنّ تفعل شيء أو تدير أمور أو تنجز عملية انتخابية لتبقى عبارة عن قنبلة موقوتة قد تنفجر في أي موقف أو تشنج إعلامي بين الفرقاء السياسيين وما أكثرها هذه الأيام إذ وصل الحد به ان تكون حالة طبيعية ومألوفة لدى الساسة العراقيين فماذا يترتب على هكذا حلول ترقيعية وآنية وهل من العقل الحديث عن تأجيل الانتخابات أو من المستحيل إيجاد مفوضية جديدة طيلة الفترة الماضية وماذا تنتظر اللجنة البرلمانية المختصة إلا التأزيم والخلاف غير الوصول إلى الخطوط الحمراء و حلول اللحظات الأخيرة والتي باتت علامة فارقة للعملية السياسية، وطالما أثبتت فشلها لأنها وببساطة عملية ابتزاز وضغوط واملاءات وتشنج وفرض لتخرج عملية مشوه وهيئة خاوية ومفوضية غير مستقلة ومن ثم الطعن بها وبعملها ان لم تميل للطرف الفلاني وتحقق رغباته أو المماطلة وبحجة عدم كفاية الوقت وكثر الحديث عن احتمال تأجيل الانتخابات والمطلوب غير ذلك خاصة بعد التجارب السابقة وما حدث بين دولة القانون والقائمة العراقية في الانتخابات الأخيرة, وهنا يجب على النواب ان يصلوا بأسرع وقت إلى تشكيل مفوضية مستقلة دائمة بعيدة عن الضغوط وخارجة عن اللعبة السياسية والمهاترات الدائرة هذه الأيام بين الفرقاء السياسيين أو إعطاء كل الصلاحيات والقوة، وإطلاق يد المفوضية الحالية والتمديد لها بفترة كافية تلبي وتغطي كلّ الانتخابات القادمة لما لها من اثر على العملية السياسية برمتها ولننتهي وبشكل جازم من أحاديث التأجيل والإلغاء لسبب بسيط ان الانتخابات روح الديمقراطية وأداتها الأولى والركيزة الأساسية لقيامها وديمومتها، إلا أن تكون ديمقراطيتنا بدع عن العالم وعن تجارب الآخرين وهذا ما ذكره و ركز عليه سماحة السيّد عمّار الحكيم في الملتقى الثقافي وهو من عودنا على الصراحة والحرص على العملية الانتخابية ومن مؤسسيها وان كان قد تجرع من هفوات المفوضية، لكنّ لم يطعن ولم يشكك بنزاهتها حفاظا على المشروع وإيمانناً منه بتكاملها وبتراكم التجارب تولد وتنتج أشياء صحيحة فالتجاوز عن أخطاء التأسيس وتحمل بعض المنقصات تحتاج لنفوس رحبة وهمم عالية وقلوب صافية ومؤمنة بقدرة شعبها وبالمستقبل.
https://telegram.me/buratha