عون الربيعي
تتصاعد حالة التوتر في البلاد خلال هذه المرحلة فمع توالد الأزمات وتفريخها تقل الحلول تدريجيا لنعيش حالة جديدة قد تنذر بانهيار بعض المنجزات التي تحققت خلال السنوات الماضية من عمر التجربة الديمقراطية بعد زوال نظام البعث وديكتاتوريته، الغريب ان الداخلين على خط الأزمة من دول وحكومات عربية (قطر والسعودية ) ودول إقليمية (تركيا) لم تعالج الأمور بالشكل الذي يجعل تدخلها او وجهة نظرها مقبولة أو محل نقاش على الأقل بل إنها بترجيحها طرفاً معيناً إنما ساهمت بتعقيد المشهد دافعة باتجاه التصعيد وكأنها تريد ذلك لتستعرض عضلاتها وتجرب مدى فاعليتها وفاعلية سياستها على الساحة العراقية بشكل علني، مما اوجد هوة عميقة بين الفرقاء بسبب انحياز طرف لهذا الطرح وتخلي آخر عنه واعتقد ان استمرار الوضع بهذه الطريقة قد يؤدي إلى انهيار متواصل في التوافقات والالتزامات بين القوى السياسية والتي كان رجوعها لبعضها ومناقشتها للمشاكل هو ما ساهم في الحفاظ على المشروع الوطني ومجمل التطور الذي شهدته العملية السياسية خلال السنوات التسع الماضية، إنّ انتهاج التصعيد والتشكيك والتسقيط وسياسة عدم الاتفاق مع الآخر على أيّ شيء حتّى باتت عبارة (ولكنّ) ملازمة لأغلب الطروحات والمشاريع التي يراد من وراءها التسوية لن يجلب الخير للعراق وسيدخل البلاد في نفق مظلم يؤدي إلى المجهول في وقت يحتاج فيه الجميع لحالة الوئام من اجل انجاز ما تبقى من مشاريع وقوانين يعد إقرارها ضرورة وحاجة ملحة، ومع إنّ الحديث الذي يتزايد وتعلو فيه أصوات البعض بعدم جدوى إقامة وعقد اللقاء الوطني أصبح هو الحديث السائد بفعل الظروف وطبيعة الخطاب غير المتزن المتبنى من أغلبية الفرقاء, ان عدم الجدية وعدم الالتزام بالعهود والمواثيق وكلمات الشرف هي ما أوصلت الحال الى ما هو عليه اليوم حتى ان اللقاء الوطني الذي عول عليه المعتدلون لازال في مرحلة الإعداد والتحضير مع كثرة التأجيلات وعلى حدّ وصف السيّد الحكيم الذي شخص المسألة بشكل دقيق بقوله (كأننا أصبحنا بحاجة إلى لقاء وطني نجتمع فيه حتى نحدد جدول الأعمال للقاء الوطني المرتقب وهذه القضية مؤسفة للغاية )، إنّ عدم إدراك الكثير من القوى لخطورة الوضع وآثاره السلبية على المشروع السياسي في البلاد وانعكاسات ذلك على الشعب العراقي بشكل عام كون الاختلافات بين السياسيين تحديداً وصلت إلى حد لا يمكن السكوت أو التغاضي عنه حتّى ردد بعض الساسة شعارات من قبيل (عراق أفضل بلا كردستان ) أو طرد الكرد من المحافظات العربية مما يعكس مدى الأزمة التي يتخيلون إنهم وقعوا فيها وعدم قدرتهم على التكيف مع الحل الذي ينبغي ان يكون متوازناً عبر طريق واحد وهو تصفير الأزمات والذهاب إلى عقد اللقاء الوطني بنوايا سليمة وبإرادة سياسية صادقة، لأن ذلك هو بداية الحل وقطع الطريق على استفحال واشتداد الأزمات كما انه سيسهم في إنهاء حالة التقاطع ويعيد اللحمة الوطنية بين القوى السياسيّة من جديد.
https://telegram.me/buratha