انتقادات البعض لسلبيات القمة انتقادات صحيحة، اما ترحيبنا فليس التنظيم والكلمات والاعتراف بدور ومكانة العراق فقط، بل اساساً لان حدثاً كبيراً كهذا من شأنه ان يساعد على مفاهيم وسلوكيات الانفتاح وروح التفاوض وبناء الرؤى الكبيرة والتخلق باخلاقها ومبادئها.. ونبذ التصادم والاحتكار وترك اجوائها، وما قد يعكسه ذلك ايجاباً على علاقاتنا ووسائل عملنا الداخلية والوطنية.. وعلى الامن والعملية السياسية والشراكة والمصالحة الوطنية.. وحل المشاكل العالقة للانطلاق بالبلاد.. بما يسمح باستثمار طاقاتها ومعالجة ازماتها واختناقاتها.. لاسيما تلك التي تصيب المواطنين.. وتعطل حياتهم وتغلق افاق مستقبلهم.
ان الاجتماع المرتقب لممثلي الاعضاء الدائميين لمجلس الامن، بالاضافة الى المانيا، او (5+1) من جهة.. وايران من جهة اخرى، هو احد الاثار الايجابية لقمة بغداد.. واقتناع الفرقاء باختيار بغداد كمكان لمفاوضات الملف النووي الايراني. ورغم ان العراق بلد مضيف فقط.. الا ان دلائل الاجتماع ونتائجه تجعله وكأنه اكثر البلدان تأثراً بالنتائج. فاختيار بغداد شهادة بموقع واهمية العراق، الذي يضعه الجميع -ولو بتصورات مختلفة- في حسابات الوضع الاقليمي والدولي. فالعراق ان لم يكن نقطة حوار سيتحول الى نقطة صدام.. فالتوتر والتصعيد سيكونان على حسابه.. والتهدئة والحوار لمصلحته.
هناك دول يعتمد تطورها وطبيعتها على الازمات والتوترات والمصادمات. تستقر هي وتتطور بقدر الفوضى والصراع من حولها.. اما العراق فطبيعته ومصالحه العليا تتحقق باجواء الادارة الراشدة والتسويات والانفتاح والمصالحة، داخله وخارجه.. هكذا تاريخياً، وهو الامر الذي ندفع ثمنه كلما انحرفنا عن متطلباته.. وافضل مثال سلوك النظام السابق الذي جعل مبرر وجوده الاستبداد والازمات.. فقاد البلاد الى الحروب والدمار والفقر والتخلف.
ننتظر من زيارة رئيس الوزراء المرتقبة الى ايران ما يشجع هذه الاجواء.. وهو نفس الامر الذي قام به قبل القمة في زيارته للكويت.. وحسناً يفعل العراق بلعب دوره التاريخي كجسر بين الشرق والغرب، والجنوب والشمال.. وكبوتقة تنصهر عندها المتضادات لتتقولب في توجهات جديدة.. هذه حقيقة بلاد الرافدين وثقافتها التي جعلت منها بلاد اعتدال، ودار سلام.. وسلة غذاء العالم، وقبلة حضارته وعلومه، وعاصمة الدنيا لقرون طويلة.. بخلافه ان تغلبت ثقافة الاحقاد والاقصاء والتعيش على الازمات وتعطيل طبيعة ودور العراق الاساس، فانه سيصبح بلاد السيفين (حسب سعدي يوسف)، لتدمره الحروب الداخلية والخارجية والتدخل الاجنبي والفقر.
32/5/422
https://telegram.me/buratha