المقالات

ثورة المداد

622 14:48:00 2012-04-21

 

*كاتب حر من مملكة آل سعود

 

صليل السيوف ينتهي بانتهاء المعركة، وصرير القلم يبقى ما بقي الدهر، دماء الشهداء لا يقارن بمداد العلماء فثمن الحبر أرقى من ثمن الدم، التضحية بالقلم أوقع على الجلاد من شلال الدماء، والمجهود الذهني يحقق ما لا يحققه المجهود العضلي وإن تُوهم خلافه، فكل ريشة عظيمة وراءها عقل حي وفكرٌ ينبض بالحياة.

 

الدماء قد تعوض من مصارفها البنكية، ولكن الفكر الذي تتحرك به الأقلام لا تعوضه أحبار العالم أجمع، قبور الشهداء تعبق بأريج الشهادة؛ لكن معتقل الرأي يناضل خلف القضبان، فحروفه تقتل الطاغية ألف قتله، فيجيش الجيوش لمحوها وحجب أشعتها وكنس ملامحها إلا أن قواه تخور وتنفذ إمكانياته، ولا يستطيع ملاحقة الحروف التي تطارده وتقض هناء مضجعه الوثير !

 

أسراء الرأي أحياء وإن غيبهم عنا السجان، ولو تطاول بهم العمر في المطامير، فرب كلمة أحيت أمة، سطور الكرامة والحرية توقظ ضمائر الجماهير، وحروف التمرد تُكسب صحوة، وأنّى للمدرعات أن توقف سياط الفكر؟!

 

القلم النشط يعرقل مسيرة الفساد ويحرض على إقتلاع مواطن الخلل وإن كان في قمة الهرم، التضامن مع أسراء الكلمة مسؤولية الكل، وهل توجد سلمية أكبر من ثورة المداد؟!، الوهن الذي يعاني منه السفاح لا يقف أمام قطرات حبر صيغت بأنفاس النور، إنها تتعقب شيطنته وتقيده وإن كان كاتبها في قعر الزنزانة.

 

هنيئاً لصاحب الأدب الرفيع والقلم الحر منسوجاته الملائكية التي لا تساوم بثمن، وهل يستطيع الباغي حبس نور الشمس في قفص صغير؟! لن يتمكن السلطان من قمع حرية البيان، فالسجن لا يخيف، وكلما قمع المداد زاد وانتشر، لعنة تطارد الظالم وتمتد دون قيد، كلما أرادوا لها الدفن والقبر تعاظمت وفاح أريجها.

 

القلم الباسل إذا وضع في مكانه الصحيح فإن عجلة الفساد ستكبح مرغمة، وتكسر أنوف الفراعنة كما كسر نابليون أنف أبي الهول في قصته التاريخية الشهيرة، القلم ليس بندقية ولكنه سلاح يهدد العروش المتجبرة، لهذا نشاهد التهديدات تلاحق أصحاب الرأي إن لم يغيب دون عودة، العاجز هو الذي يلجأ إلى قوة المادة أليس الفكر السقيم يحسد من علا ؟!

 

أبطال الرأي حاضرون في قلوب الأمة رغم غياب الشخوص، فمن بنى له قصراً من نور لا يحتاج لصدقة لص، المفكرون السجناء شموع أضرمت وهجها في ظلام الجهل فنالها من الألم ضريبة الضياء، أليس الأجر بقدر المشقة؟!، الفكر النير لن تتوقف كواكبه السيارة فموت العقول أكبر خسارة من موت الأجساد، فليشبعوا سجونهم الجائعة فنحن أحرار، والطليق المكبل هو من يكبل عقله وجمجمته لدراهم زهيدة تكون عليه وبالاً وإن سكن التراب.

 

لن يغيب الكتّاب المناضلون أصحاب كلمة الحق والتغريد الصادق، فمسيرة العلماء محفوفة بالمكاره، وطريق الشهوات لأراذل القوم، لن تتوقف الأقلام الأبية حينما تجابه بالتهديد والقمع والمساومة، الهدنة ليست من شيم الضراغم، إلا أن البعض ممن يمتلكون الحبر الأصفر يتذرعون بالسخيف من القول، ألا أنهم قد ضربت عليهم الذلة والمسكنة، العبيد هم من يبيعون حريتهم في قبالة الوحل فليتمتعوا فيه جيداً، ولكن الزنزانة الضيقة (كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ ... يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ) حينما يصمد الحرف متمرداً يصك جباه الظلمة وأفاعيلهم الباطلة.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك