بقلم حسين حسن اوغلو
مرت تسعة أعوام على تغيير النظام السياسي في العراق ومع ذلك فان عدم استقرار الأوضاع الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية تكاد تكون السمة البارزة للمرحلة الحالية والجميع ينادون بالديمقراطية والحرية والفدرالية شعار لهم . وان أسباب عدم تحقيق هذه السمات والسير نحو الاستقرار أو محاولة ما فات وإصلاح ما أفسدته الأنظمة السياسية المتعاقبة والنخب السياسية المطاح بها ، هي جملة من التداعيات يعود اغلبها إلى التفاف بعض النخب السياسية التي تراعي مصالحها الحزبية على الروح الوطنية والمواطنة لدى المواطن العراقي ثم القضاء على تطلعات الشعوب المتحررة في العراق .
ويتمثل السبب العائق الذي سيبقى كالنار تحت الرماد إن لم تحسم أمر المصالحة الوطنية التي تختلف عليها الكتل السياسية كل حسب تصوراته ووجهات نظره .وان عقد المصالحة الوطنية في الظرف الحالي هو أمر ملح ومهم ، إذن فالمصادمات بين زعماء الكتل السياسية وإلقاء التهم كل على الأخر هو إعلان حرب طائفية ومذهبية إنها ليست من مصلحة أي طرف لأنها تؤدي بالتالي إلى اتساع رقعت الخلافات والى أحداث شرخ كبير في الجسد العراقي الذي مازال ينزف دماء من جراء التناحرات والاحتدامات والصراعات بين الأطراف السياسية التي ترتبط بالقوى الإقليمية كأجندات التي تبحث مصالحها السياسية في العراق . ولا تنسوا إن استمرار هذه الصراعات بين النخب تقود البلد إلى دخول أطرافا سياسية واجتماعية في متاهات الانتقام والأخذ بالثار أشبه بما تحدث في الغابات بين الحيوانات المفترسة القوي يأكل الضعيف لكن هنا تختلف هذه الأمور وتعلو أصوات الطائفية والمذهبية والقومية فوق كل الاعتبارات ، وان انتهاج أي طرف مثل هذا السلوك هو من أنماط وممارسات الأنظمة السياسية الفاسدة وهي بعيدة كل البعد عن المفاهيم الوطنية والديمقراطية والحرية ومنافية لمبادئ حقوق الإنسان ، فاليدرك الجميع بان هذا السلوك يؤدي بالتالي إلى استباحة الكرامة والحرية الإنسانية .
ولإيجاد الحلول الايجابية لقضايانا الداخلية يلتجئ زعماء النخب السياسية المتصارعة إلى بعض الدول الإقليمية والمتشدق بها لأجل التدخل في الشؤون الداخلية بدلا من أن يلتجئا إلى الطاولة المستديرة وإجراء الحوارات والاحتكام بمنطق العقل والحكمة .
وقد أثبتت هذه الفوضى السياسية العارمة في الواقع السياسي العراقي إن الفئات والأطراف التي يتم تهميشهم دائما من العملية السياسية هي القاعدة الاجتماعية الأساسية التي تطالب إجراء المصالحة الوطنية والحفاظ على وحدة النسيج العراقي وليس النخب السياسية الكبيرة المتناحرة من اجل مصالحها الذاتية .
لذلك من الأجدر بالكتل السياسية الكبيرة مد جسور الثقة والتعاون والتفاعل مع كافة المكونات العراقية وإجراء العمل الوطني المشترك معهم وعدم هضم حقوقهم الشرعية والطبيعية لان عزل أو تهميش أو إقصاء أي طرف من العملية السياسية في المشهد السياسي العراقي وهو دون شك قنبلة موقوتة وقد تنفجر ولا يحمد عقباها فعلى الأطراف التي تعشعش في أذهانهم الروح الطائفية والمذهبية عليهم أن يعودوا إلى الشعب الذي اختارهم ويلتزم بالمبادئ الوطنية العراقية ويحافظ على كيان الوطن والمواطنة فليتذكر القول المأثور ( ( ما طار طير وارتفع إلا وكما طار وقع ) ).
16/5/420
ــــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha