سعيد البدري
بدأت الأزمة السياسية في العراق تأخذ مناحٍ خطيرة بعد حالة التصعيد غير المسبوقة بين الأطراف السياسية الرئيسية في عراق ما بعد 2003، الديمقراطي الاتحادي على الورق فكلّ طرف من أطراف الصراع يعيش أحلامه ويحاول فرض متبنياته وأفكاره دون النظر إلى مصالح وهموم وخصوصيات الآخرين والأدهى أنّ الإطار العام الذي يجمع الفرقاء هو الشراكة الوطنية،في حين الأمر مختلف ومناقض تماماً لما هو مثبت ومعمول به على أرض الواقع من حيث إدارة الوزارات ومؤسسات الدّولة، ولعلّ الخلافات التي كانت قائمة بين العراقية ودولة قانون باتت هامشية في وقت كانت فيه أساسيّة وتنذر بشر مستطير لكنّ ما استجد بعد دخول إقليم كردستان على خط الأزمة وحرب التراشق الإعلامي عقد الأمور، وللأمانة فأن الخلاف الذي لم يكن متوقعاً بين طرف كردي وآخر شيعي بسبب ميل بارزاني لإنشاء دولة داخل الدولة خصوصا مع عودته خالي الوفاض من واشنطن التي لم ترحب بالتغيير داخلياً لعدم وجود بديل مناسب يوازن بين علاقته بها وبإيران كالمالكي كما رفضت أمريكا إعلان دولة كردية في ظل الأوضاع التي يعيشها الشرق الأوسط فيما يميل المالكي لتكريس سلطة المركز وإعادة الأمور إلى ما كانت عليه في زمن الدكتاتورية البعثية ليضمن السيطرة المطلقة على مقاليد الأمور ويقلل من تأثيرات المنافسين لبرامجه التي يعتبرها طموحه وستجعل منه شخصا قويا خالدا كعبد الكريم قاسم، وهذان التوجهان أهملا الدستور وجعلاه وثيقة معطلة لا نفع منها ولا حاكمية، بينما يتحجج الطرفان بالعودة إليه لحل الأزمة, ان استمرار هذه الطريقة أو الحرب الكلامية وما تلاها من سباب وشتائم واستعراض عضلات استدعى ان تكون هناك تدخلات عاجلة لأطراف مؤثرة في العملية السياسية أو مؤسسة رشيدة يحترمها الجميع ويثق بحكمها ورؤيتها في الحل كالمرجعية الدينية العليا، التي أعلن المستشار المقال لرئيس الحكومة لشؤون كردستان عادل برواري ان المرجع الديني الأعلى الإمام السيد علي السيستاني قد كلف رئيس الجمهورية جلال طالباني بمهمة حل الخلاف الدائر بين بغداد وأربيل. مع ترحيب من قبل الرئيس بهذا التكليف كونه منطلق من حرص ووعي بحجم المشكلة ونوع الحل الذي جاء لإنقاذ البلاد والعباد الذين تعطلت حياتهم وقد تقاد الأمور وتسير باتجاه آخر لا تحمد عقباه، أن استمرت مثل هذه الخلافات في هدم ما تم بناؤه بعد تسع سنوات على سقوط الديكتاتورية البعثية المقيتة، لذا نرجو أنّ ينصت الجميع لصوت العقل ويجلسوا لحل مشاكلهم خصوصاً وان تشخيص المرجعية الرشيدة يصب في خانة الحل والحل فقط لأنها حريصة على مستقبل العراق بجميع أبنائه وبجميع أطيافه وهذا ما لا يحتاج إلى إثبات من احد أبداً.
https://telegram.me/buratha