خضير العواد
هناك عناوين كثيرة تطرح في وسائل الإعلام يرتجى منها غايات معينة يطلبها من طرحها ووقف خلفها , وهذه العناوين عندما تطرح يعرف الجميع وخصوصاً الذي أصدرها ليس لها مؤهلات التطبيق أو الحياة , ومن هذه العناوين التي طرحت خلال هذه الأيام ولقت صدى عند من يريد الأصطياد في الماء العكر لكي يحيوا فكرة لا يمكن لها العيش أو الاستمرارية لأنها لا تمتلك أي مقومات للتطبيق , ففكرة تكوين إقليم السنة لكبيرليس لها أرضية أو عناصر تعتمد عليها من أجل بناء هذا الأقليم , هذا الأقليم الذي يضم أربع محافظات هي الموصل وصلاح الدين وديالى والأنبارالتي ترتبط بعضها ببعض بعلاقات غير جيدة نتيجة سياسات النظام البائد الذي قرب بعضها وأبعد بعض , من خلال المؤسسات التي كان يسيطر عليها أبناء تلك المحافظة , فالكثير من أبناء تكريت كانوا يسيطرون على الأمن الخاص والحرس الخاص الذي يتكلف بحماية القصور الرئاسية والوزارات بالإضافة الى حماية الرئيس والوزراء , أما أبناء الرمادي فكان الكثير منهم ينتسبون الى المخابرات العراقية ومعهم أبناء سامراء أما أبناء الموصل فكانوا يسيطرون على المؤسسة العسكرية , وبسبب التسلط التعسفي الدكتاتوري من قبل الرئيس وزبانيته فأن أبناء صلاح الدين كانوا ينظرون نظرة دونية الى أبناء الأنبار والموصل وكذلك الأنبار لأبناء الموصل , هذه العلاقة التسلطية قد زرعت الضغينة و البغضاء ما بين أبناء هذه المحافظات بعضهم للبعض الأخر مما جعل علاقاتهم في توتر دوماً وقد ظهر ذلك جلياً من خلال زيارة أثيل النجيفي محافظ الموصل الى تكريت قبل بضع أشهر من أجل مد الجسور مابين أبناء هاتين المحافظتين ونسيان الماضي والبدء بصفحة جديدة , وهذا الأمر يتطلب الكثير من الوقت لكي تلتئم الجراح وتعود العلاقات الى سابق عهدها قبل النظام البائد , هذه المحافظات الأربعة لا تمتلك الثروات الطبيعية الكافية التي تؤهلها للعيش في الوقت الحاضر, جائز ستمتلكها في المستقبل بعد إكتشافها ولكن الأن يصعب عليهم الأعتماد على أنفسهم بسبب قلة مصادر العيش , وتمتلك هذه المحافظات على مناطق متنازع عليها مع المحافظات التي تجاورها فالموصل مع دهوك وصلاح الدين مع السليمانية والأنبار مع كربلاء وديالى مع بغداد والسليمانية مما يصعب موافقة إعلان الإقليم من قبل هذه المحافظات قبل إنهاء مشكلة هذه المناطق بالإضافة الى كثير من الأقضية التي ترتبط إدارياً بهذه المحافظات و ترفض مثل هكذا فكرة كالدجيل وبلد , كثرت الأحزاب والشخصيات التي تتواجد في هذه المحافظات مما يجعل قيادة مثل هكذا إقليم إن وجد صعبة وربما مستحيلة والتجارب العراقية كثيرة في هذا المجال أما بالنسبة للتجربة الكردية فقد توفرت لها ظروف سهلت لهم توزيع قيادة الأقليم وهي رئاسة الجمهورية ولولا هذا المنصب لكانت مسئلة قيادة الأقليم من أكبر المشاكل مابين الحزبين الكرديين , وهذه المسألة من أكبر المشاكل التي تعرقل إعلان الدولة الكردية , بالإضافة الى تواجد الكثير من المواطنين في هذه المحافظات الذين يرفضون فكرة تكوين الأقاليم لإنها تؤسس الى تقسيم العراق حسب إعتقادهم , أما الأكراد بالإضافة للشيعة فإنهم متوجسين وقلقين من فكرة تكوين الإقليم السني الكبير بسبب التاريخ المآساوي الذي عانا منه الكرد والشيعة , فالقيادة السنية العربية أو التركية قد ظلمت الفئتين لمئات السنين فيصعب تناسي هذه التجربة المآساوية من قبل الشيعة والكرد لهذا السبب فالكرد والشيعة غير فرحين بتكوين مثل هذا الإقليم بل سوف يعرقلون تكوينه بشتى الطرق والأعذار والحجج , إذا كان يصعب تنفيذ مثل هكذا فكرة على أرض الواقع فلماذا طرحها طارق الهاشمي من خارج العراق , الدول العربية وخصوصاً السعودية وقطر يحاولون ضرب إستقرار العراق بأي طريقة وجعله بلد غير مستقر يسبح بالفوضى , وأفضل شخصية تنفذ لهم مهمتهم هذه شخصية طارق الهاشمي المتهم بالإرهاب الذي يريد أن يرجع الى الأضواء من جديد بعد السقوط الذي عانا منه , فتبنى هذه الفكرة لعله يربح بعض الوقت و يحصل على بعض التعاطف من قبل الذين يؤيدون هذه الفكرة , أما الأكراد الذين يمتلكون مصالح مشتركة مع طارق الهاشمي هذه الأيام وهي الضغط على بغداد بهذه الورقة لعلهم يحصلون على بعض المكاسب , والهاشمي نفسه يعلم مدى رفض الكرد لمثل هكذا فكرة ولكنه يلعب على ورقتي الضغوط والوقت لعلهما يدفعان بتكوين هذا الإقليم ؟؟ أما الظروف والثروات والقيادات جميعها غير مهيئة لمثل هكذا مشروع يتطلب توفركل هذه العوامل للقيام به , ولكن طرح الفكرة في هذا الوقت مجرد زيادة الضغوط على بغداد من أجل حل المشاكل العالقة مع الحكومة إن كان من قبل الهاشمي وأتباعه وكذلك الكرد.
https://telegram.me/buratha