احمد عبد الرحمن
فرق كبير جدا وشاسع بين من يتنافس لاجل الوصول الى السلطة للتمتع بأمتيازاتها ومكاسبها، وبين من يتنافس من اجل تقديم الخدمة لابناء الشعب، والتنافس الاول يتقاطع مع المصالح الوطنية، والثاني يتوافق وينسجم معها. من الطبيعي ان اعطاء الاولوية للمصالح الوطنية العامة يفضي الى ترسيخ منهج ومفهوم الخدمة الوطنية العامة بكل عناوينها وتفاصيلها الى كافة الفئات والشرائح الاجتماعية من دون النظر او التوقف عند هذا العنوان او ذاك من العناوين القومية او الطائفية او الدينية او المذهبية او السياسية، والعكس صحيح. فمنهج ومفهوم الخدمة الوطنية في حال تم ترسيخه واصبح احد الثوابت الوطنية فأنه يمكن ان يساهم الى حد كبير في ترسيخ الهوية الوطنية، وفي تقليص حجم الفوارق الاجتماعية، وتجسير الهوة بين فئات وشرائح اجتماعية مختلفة، وتحقيق اكبر قدر من العدالة والمساواة بين ابناء المجتمع، ويعزز فرص وامكانيات التعايش والوئام السياسي بين الجميع، وبالتالي يساهم في بناء مجتمع مستقر ومتوازن يكون احد عناصر بناء الدولة العصرية بناء سليما ورصينا وقويا.اذا اريد لاي مجتمع ان يكون ايجابيا وفاعلا فأنه ينبغي قبل كل شيء ان يحظى بفرص الحياة الجيدة والمناسبة التي تمثل المدخل الرئيسي للابداع والفاعلية والنجاح والتقدم الى الامام، والحكومة-الدولة هي من يقع على عاتقه توفير فرص الحياة الجيدة والمناسبة للمجتمع، ولتحقيق وانجاز ذلك لابد من ان تتمتع الحكومة بأقصى درجات الانسجام والتجانس والتوافق بين مكوناتها، وهذا الانسجام والتجانس والتوافق يكون محور المصالح الوطنية العامة، ونقطة الالتقاء الاساسية والمحورية للجميع، مع اختلاف رؤاهم وتوجهاتهم واجنداتهم السياسية ومشاربهم الايديولوجية، وبدون القدر المعقول والمناسب من التوافق والانسجام، فأن الجميع اما يبقون يدورون في حلقة مفرغة او يصلون عاجلا ام اجلا الى طريق مسدود.ان الاتفاق والتوافق على المباديء العامة، والثوابت الوطنية،لايعني بأي حال من الاحوال ذوبان كل طرف بالاخر، والغاء كل الخصوصيات، فهذا امر غير ممكن بالمرة، ولكنه يعني تقديم ما هو عام على ما هو خاص. اذ ان العام في كل الاحوال ينعكس على الخاص.ان السعي الى تقديم الخدمة لابناء الشعب العراقي، وخصوصا الفئات والشرائح المحرومة والمهمشة، وتلك التي تعرضت للظلم والاضطهاد من نظام البعث الصدامي البائد، يعد من ابرز مصاديق ومعطيات النهج الوطني، وترجمة حقيقية وواقعية للشعارات والبرامج السياسية التي تحفل بها ساحتنا السياسية.وابناء الشعب العراقي باتوا على قدر كبير من الوعي والفهم السياسي ليميزوا بين من يتنافس من اجل خدمتهم ومن بين يتنافس ليتسلط عليهم.
https://telegram.me/buratha