محمد الحيدري
من ازمة الى اختها اصبح حال الواقع السياسي للعراق جراء انحراف خطير اصاب العملية السياسية وفشل ذريع في ادارة الدولة ومعالجة الازمات وتشضي حكومة الشراكة ما ينذر بانسداد حتمي وشيك في افق العملية السياسية ، فالبرغم من اعتيادنا على الازمات والخلافات في الفترات السابقة لكننا اعتدنا في الوقت نفسه على الانفراج والخروج بالحلول ولو في اللحظات الاخيرة بيد ان مايجري حاليا ومانعيشه هذه الايام يختلف جذريا عن السابق ، فبالامس كانت مرحلة انطلاق العملية السياسية وما تضم في طياتها من ملفات كبيرة وقضايا مصيرية للمكونات مثل كتابة الدستور والتصويت عليه واجراء الانتخابات وتشكيل الحكومات وغيرها ، ومن الطبيعي جدا ان يكتنفها الخلاف والصراع والنزاع والازمات الحادة لكن سياسية التوافقات والتنازلات المتبادلة مع احترام الثوابت والدورالكبير والاساسي للمرجعية الدينية اسهم في اخراج البلد من تلك المرحلة بحلول توافقية لنعبر مرحل التأسيس وهي اهم مرحلة لندخل الى مرحل مواجهة الارهاب ودحره الذي راهن على الفتن والاحتراب الطائفي لنسف العملية السياسية الوليدة ، وبرغم ضرواة المواجهة وشراسة هجمات الارهابيين وقذارة اساليبهم الاجرامية التي كلفت العراقيين شلالات من الدماء لكن في نهاية المطاف وبفضل توحدنا بوجه عدونا كسبنا المعركة واحبطنا مخططات الارهاب ومن يقف خلفه من دول عربية واجنبية سعت للنيل من عمليتنا السياسية .. وكنا نعتقد ان المرحلة الحالية وهي مرحلة الحفاظ على تلك المكتسبات والمضي بالعملية السياسية نحو الاعمار وتحسين الخدمات ، باننا سنتفرغ وبكل اريحية لاستحقاقات اقل ومشكلات اصغر ، لكننا كنا واهمون بذلك فتلاشى تفائلنا تدريجا مع كل يوم نعيش به على ازمة جديدة واخرى قديمة قد اعيد انتاجها من جديد فمن مشكلة الوزراء الامنيين الى مشكلة العراقية مع دولة القانون ومشكلة طارق الهاشمي والمطلك ومشكلة الكورد والقانون والاقليم مع الحكومة الاتحادية ومشكلة تشكيل الاقاليم الى مشكلة الاتهامات بتهريب النفط الى اسرائيل وكان اخرها ، لحين كتابة المقال ، وليس اخيرها قضية رئيس مفوضية الانتخابات واقالة مستثار المالكي لشؤن الاكراد .. والحبل على الجرار ، والملفت ان تسارع الازمات بات السمة المميزة لهذه المرحلة لابل الانكى ان معدل الازمات كان يرصد في بادى الامر ازمة او ازمتين في الشهر(الازمة الشهرية ) ليتحول الى رصد ازمة كل اسبوع ومن ثمة الى ازمة كل يوم حتى وصلنا الان الى اكثر من ازمة في اليوم الواحد , دون اي حلول تذكر لا بل ان حتى مساعي الحلول كالمؤتمرات والاجتماعات للكتل بات هي ازمة بحد ذاتها فلجنة تعمل على مقررات المؤتمر الوطني المزعوم ودعوى من هناك لعقد اجتماع اخر في اربيل ومقترح لعقد اجتماعات للرئاسات الثلاثة وهكذا وجدنا انفسنا داخل دوامة الاجتماعات .ان ما يمر به البلد هذه الايام جد خطير لان تكديس الازمات واختلاق اخرى جديدة في ظل جو مشحون بالتصريحات المتشنجة والحادة بين الاطراف السياسية هو نتيجة لمشكلات اساسية تتمثل بانفضاض عقد الشراكة الهشة بالاصل والتفرد بالسلطة وعدم احترام الدستور والقضاء وعدم الاستماع الى نصح المرجعية الدينية ، التي يبدو انها شعرت باليأس بسبب تجاهل الساسة لنصحها وتحذيراتها وتصويباتها ، الامر الذي راكم من المشاكل وجعل العملية السياسية تعاني من المرض الذي بات مستعصيا على العلاج في ظل تجاهل الاطراف الى مكمن المشكلة وعلتها وفي ظل عدم جدية هذه الاطراف في البحث عن الحلول بدلا عن السعي ألاهث وراء الازمات .
https://telegram.me/buratha