( بقلم : طالب الوحيلي )
يقول المثل الدارج اكذب اكذب حتى يصدقك الناس ،ويصدق المثل هذه الأيام كثيرا على من يحاول تمييع حقيقة الكارثة التي أصابتنا بصميم عقيدتنا ،بهدم صرح راسخ في صلب ثوابتنا الإسلامية الحقة ،وفي تقاليدنا وفي مبادئنا التي طالما بذلنا الدماء الغالية في سبيل صيانتها والتمسك بها ،برغم الحقد السياسي الطائفي الذي كرس ضد أتباع مذهب اهل البيت عليهم السلام ،المثل المذكور ينطبق على طائفة من السياسيين الذين نصبوا لهم قنوات فضائية تبث سموم الحقد الطائفي وتحاول متعمدة قتل الحقيقة ودفنها كما دفن ضريحا أئمتنا علي الهادي والحسن العسكري (ع)،واذا كنا نحاول حصر هذه الجريمة بالتكفيريين والصداميين وما ارتكبوه من سلسلة جرائم لا شبيه لها في التاريخ الإنساني حقدا على أتباع هذا المذهب ومقدساته ورموزه،فان ما تفضحه تلك القنوات وضيوفها من حقد اسود وكذب مسموم وملغوم بإثارة الحرب الأهلية والفتنة الطائفية ،يشير بأصابع الاتهام الى بعض القيادات الطائفية المشاركة اليوم في العملية السياسية والتي تحاول فرض أجندة تتجاهل بها الاستحقاق الانتخابي الذي أفرغته صناديق الاقتراع، والذي يعد اليوم السبب الجوهري للتصعيد الإرهابي الذي انتهى الى جريمة هدم الروضة العسكرية واغتصابها بكامل وجودها ،الأمر الذي كاد ان يهدم كل الفواصل المانعة دون الرد بالمثل على كافة الجرائم الإرهابية التي طالت أبناء شعبنا المبتلى بالطغيان الصدامي سابقا ،وبإتباعه وأيتامه وحلفائهم التكفيريين الذين وجدوا أرضا لهم للأسف في الواقع العراقي الذي تحول الى ساحة منازلة مفتوحة لهم ولجيوش الظلام القادم من خلف الحدود ..
علمتنا سنوات الحكم الصدامي فلسفة الكذب التي كان يخبئ جرائمه وفشله خلفها ،وما وقع به من خداع لنفسه المريضة حين صدق أكاذيبه قبل ان يصدقها سواه ،ولكن المضحك اليوم ان تجد من هو من سنخ صدام في ظاهرة الكذب ولا ندري من علم الآخر الكذب !! هذا الأمر يبرز ألان من خلال بعض الفضائيات العراقية والعربية، التي تروج للإرهاب بشكل علني وصريح وهي منبر لنكرات تحولوا الى نجوم بفضل التغاضي عنهم قانونا ،واستثمار بعضهم أموال الشعب العراقي كونهم أعضاء في مجلس النواب العراقي ،حيث بلغت رواتبهم ومخصصاتهم عشرات الملايين من الدنانير العراقية،وهي أسماء يعرفها الجميع او يعرف انتمائها لكتل سياسية معارضة للحق الانتخابي وطاعنة بالعملية السياسية بمجملها ، فيما راحوا يبثون الأكاذيب عن تهم مصطنعة لم يتمكنوا من عرض دليل لها سوى العواء الصاخب ،او كما يصفهم احد الشعراء الشعبيين (حرامي ايصيّح المبيوك والمبيوك يتعذر من الباكه).
لاشيء أصعب من ان ترى مراقد أئمتك الذين هم مأوى الأفئدة ومواطن العروج الى الملكوت ومدار عزتك ومنجاك من غوائل الظالمين ،ومنتهى املك في الدعاء الى صاحب العصر والزمان ومن مكان غيبته ،ان تراه وقد تحول الى خرائب واستحالت تلك المعالم القدسية الى مجرد ركم من تراب ،فترى روحك وقد دفنت تحت هذا الخراب ،هذا التراب الذي ترتفع كرامتها عند الله سبحانه وتعالى لتكون كل ذرة منها طهرا للنفوس التي ترتجي العفو والغفران من الله،وكنا بالأمس القريب قد حرمنا من زيارتها بسبب استيلاء أعداء مذهب اهل البيت (ع) عليها ووقوعها أسيرة بأيدي الإرهابيين التكفيريين والصداميين ،ولا حول لنا ولا قوة ألا بلله وكان عزاءنا ان نزورها عن بعد ونصلي لزيارتها عن بعد، يبقوا غريبين كما عاشا في تلك المدينة الظالمة ايام المتوكل العباسي ،وحين قتلا غيلة وهما غريبان ،دارت الأيام لكي يحاط بهما من قبل أعدائهما وان يفجر الحقد الأزلي مراقدهما دون ناصر او معين ..فها قد انكسرت فواصل الصمت المتعقل ،الذي فرضته المرجعية الدينية العليا منعا للفتنة وقبرا لها ،على الجرائم الإرهابية اليومية التي طالت كل أمننا ورموزنا ومصادر عيشنا وحياتنا ،وطالت مساجدنا وحسينياتنا ومواكبنا ومزاراتنا ومجالس عزاءنا العامة والخاصة ومراقد أئمتنا في النجف وكربلاء والكاظمية عبر مجازر بشرية يروح ضحيتها العشرات ناهيك عن جرائم الخطف والذبح وقطع الرؤوس ،ونحن نعرف الفاعلين ومن يروج لهم او يحرضهم او يبرر لهم ومواطن أوكارهم وقد اتخذوا من مساجد الله معاقل للإرهاب، ومدارس لتعليم الذبح والسلخ جاهرين بما في جعبتهم عبر منابر الجوار العربي وغيرها وعبر قنوات معروفة بحقدها على العراق الى قتل النفس المحرمة، وإشعال نيران الفتن ..
ان من يتابع القنوات المذكورة وما تدعو له من أهداف للتصعيد الإرهابي والترويج للحرب الأهلية ،يتصور فعلا بأننا على شفير حرب أهلية ،وقد تجاهلت تلك القنوات الدعوات المخلصة للمرجعية العليا ولبقية المراجع وزعيم الائتلاف وقادة التيارات السياسية لابناء شعبنا الذي تحمل الصدمات المتوالية،وعدم الانجرار نحو منزلق الفتنة وقد استجابت الملايين الغاضبة على جريمة هدم الروضة العسكرية المطهرة، لهذه الدعوات وسعت الى تجنب الإساءة لمشاعر الآخرين ،لكن تلك القنوات مازالت الى اليوم تسعى الى قلب حقيقة ما جرى في سامراء العام الماضي،و تتعاطى مع هذا الأمر بالاستخفاف والريببة .
إننا اليوم وعلى مشارف البدء بالخطة الأمنية الجديدة، بأمس الحاجة الى تطبيق أحكام قانون مكافحة الإرهاب بخصوص الجرائم الإرهابية والداعين الى بث الفتنة الطائفية وإشعال الحرب الأهلية ،مذكرين بنصوص القوانين العقابية ومنها المادة 195 من قانون العقوبات العراقي (- يعاقب بالإعدام كل من استهدف بقصد الإرهاب إثارة حرب أهلية او اقتتال طائفي وذلك بتسليح المواطنين او حملهم على التسلح بعضهم ضد البعض الآخر وتكون العقوبة السجن المؤبد لكل من استهدف ذلك او روج لأي فكر بقصد تغيير مبادئ الدستور او لتسويد طبقة اجتماعية على غيرها من الطبقات)وذلك صريح ما تدعو له تلك القنوات والقائمين عليها وضيوفها الموتورين ، عبر مزايدات سياسية المراد منها قلب الحقائق والظهور بمظهر المظلوم ،والبكاء على ضحاياهم كما تبكي التماسيح.
والسؤال ماذا تحقق بعد مرور عام على هدم الروضة العسكرية من إجراءات تحقيقية ونتائجها ،وما هو موقف هيئة الوقف (....)التي كانت قد تعهدت رعاية هذه الروضة المقدسة،ذات الأهمية عراقيا وعالميا ،إسلاميا وإنسانيا ؟؟
https://telegram.me/buratha