قاسم العجرش
يحكى أن فأراً دخل بيتا، وأراد صاحب البيت "الشهم" أن يهدّئ من روع زوجته، فأحضر هرّاً لملاحقة الفأر، إلا أن الهرّ بعد أن نجح في طرد الفأر من البيت، صار مصدرا للإزعاج، فبدأ بتمزيق الستائر وقلب سلة الأزبال، فكان أن أحضر الرجل كلبا ليطرد الهر!..الكلب أنهى مهمته بنجاح، لكن وجوده في البيت صار أيضا مزعجا ومكلفا، فبالإضافة الى أنه كان لا يكف عن "العوووووووو"..فهو يأكل كل ما تطبخ الزوجة من لحوم، إلى أن إضطر الرجل أن يحضر فيلا على إعتبار أن الفيل نباتي!..لكن الفيل بعد أن طرد الكلب هدم البيت! وهنا اسقط في يد الرجل الذي تفتّق ذهنه عن فكرة إعتقدها "ذكية" لطرد الفيل، وهي إحضار فأر! وهكذا تهدّم البيت وعاد الفأر معزّزاً مكرّماً، بعد أن كانت سلسلة الأعمال السابقة ناجمة عن طرده!
هنا في بلد العجائب السبع، أقنعَنا الساسة ووفقاً لرؤية كل منهم "الثاقبة"، أنهم إذا كانوا يستقوون بهذا أو ذاك من خلف الحدود، فإنما يفعلون ذلك من أجل مصلحتنا، وكي يجهزوا على عدوّ(نا)..!!..كانت النتيجة أن عج العراق بأصناف من المتدخلين بشأننا السياسي بعدد يوازي عدد الفئران في مجاري مدينة بغداد المهترئة، والمثير في الأمر أن كل فئة سياسية إخترعت لنا عدوا مختلفا عن عدو الفئات الأخرى!..ولأن عدد الفئات السياسية كبير جدا فإن عدد الأعداء المفترضين يوازي عددها مجتمعا، وهكذا بات علينا أن نحارب أعداء كثيرين!..لكنّ العدوّ الحقيقي "الفأر" الأول!! يضحك علينا في عنجهية تستفزّ الجميع..لقد أثبتت الأيام الماضية أنّ البلد في قبضة قوى إقليمية ودولية، وليست الأصوات العنترية هنا أو هناك إلاّ أبواقاً لتلك القوى، تنعق حين يؤذن لها وتصمت حين تغلق "الحنفية"..ولذلك تجد أنّ التكاذب والتناقض في التصريحات والتهرّب من الإتفاقات سيّدُ الموقف، وكم أقسم الساسة أن لا يتنازلوا عن الثوابت الوطنية وأنهم جميعا في مركب واحد.! لكن واقع خطاب الساسة المتخاصمين، وإن بلسان الحال، أن خصمه يجب أن تتطهّر البلاد من رجسه وخيانته وتدميره آمال "الشعب"!.ولقد أثبتت الأحداث أن الطبقات السياسية التي أعتلت ظهورنا، تتناوب على مهمة إيذائنا وفاقاً للظروف الدولية، وهي التي تؤجّج نار الفتنة طائفية حينا ومناطقية حينا آخر. وهذا يدركه من يقرأ الواقع على الأرض قبل كل تأجيج وبعده، ما يعني أن الأمر مفتعل مصطنع، وأن العراقيين لو كانوا بمنأى عن خبث هؤلاء الرعاة أعداء الغنم، لكانوا على قلب رجل واحد، ولما تطرّق الوهن إليهم، أو تمكّن معتدٍ من خرْقِ سدّهم المنيع، أو تفجير أربع مفخخات في ساعة واحدة ببغداد...
كلام قبل السلام: رجال الإطفاء لا يكافحون النار بالنار...
سلام...
https://telegram.me/buratha