المقالات

لماذا يريد منا السيد عمار الحكيم الدفاع عن المالكي ؟

775 18:35:00 2012-04-14

وثاب العنزي

المكان ذاته الذي كان يشغله المرحوم والده في سوق ابو دشير الشعبي قبل ان يرحل منذ بضع سنوات ، يجلس ابنه البكر خلف تلة من الفجل وحوله ثلاثة من اولاده بعمر الاقحوان ، ذلك كل ما تركه له الوالد بعد عقود من الكدح فاقت في قسوتها عقود الحكم البعثي الدكتاتوري ، وكنت عادة ما امر من امامه مستذكرا والده ومترحما عليه يوم كان ينوء بثقل ما يحمله من الخضرة ، سألني عما اذا كان سيورث اولاده ما اورثه له والده (يعني مهنة بيع الفجل) مع ان ميزانية العراق السنوية بلغت 100 مليار دولار ، واستغربت قوله انه بمشروع الفجل هذا الذي لا يتجاوز رأس ماله ال (150) الف دينار فقط تمكن من تشغيل اربعة افراد ومعيشة تسعة هم مجموع افراد اسرته ، وسأل ، كيف تعجز ميزانية حمولتها من ملايين الدولارات اكثر من مئة شاحنة ثقيلة من تشغيل مليون عاطل من الشباب العراقي ، كلام بائع الفجل اغناني عن قراءة مقال كتبه احد كتاب موقع السيد المالكي ((عراق القانون)) وهو يتبجح بأنه ( أ. د ) ، ومن المؤكد ان كاتب ((عراق القانون)) انفق سنوات طويلة في التعليم ولكنه لم يخرج بما خرج به بائع الفجل الشريف الذي يفترش مع اولاده ارض رطبة من الفجر وحتى الغروب يوميا ، انه انموذج للعراقي الصابر المحتسب الذي تتبدد ثروة بلاده امام ناظريه ولا يلوي على شيئ ، مثله مثل مواطنه محمود سلمان العجيلي الذي عاش محروما ومات منكسرا بعد استشهد كل اولاده التسعة بهجوم ارهابي على داره ، واذا كان بعض اخواننا في السليمانية قد صنعوا تمثالا لحمار تقديرا لصبره وذهاب زمنه ومجده ، فمالذي تصنعه حكومة المالكي لمن فقد اولاده التسعة من جراء عجزها عن حمايته ، وكم مثل هؤلاء الفقراء في حي طارق شمال شرق بغداد وجنوبها وشرقها وفي آلاف القرى والقصبات في وسط وجنوب البلاد لم يتمكن السيد نوري المالكي طوال سنوات حكمه من انقاذهم من الفقر والمرض والحرمان ، بل ، لم يتمكن من انقاذ عوائل شهداء العراق من ضحايا المقابر الجماعية وشهداء الارهاب الذين لم يصرف للغالبية العظمى منهم اي شيئ يذكر لغاية اليوم في وقت تصرف فيه اموال طائلة لافراد اجهزة الامن الصدامية ، ولم يتمكن السيد المالكي من انقاذ البلد من الجريمة المنظمة والارهاب ، مع ان الداخلية والدفاع تنفق اكثر من 14 % من الميزانية ومتخمة بالبعثيين والارهابيين ، وفي مقابل ذلك حرم ابناء ضحايا البعث من شرف حماية شعبهم واهلهم ، وعلى صعيد الخدمات فأن الساكن في قلب بغداد يحتاج الى مضخة ماء ليغتسل ، ويحتاج الى مولدة كهربائية ليضئ بيته بضع ساعات ، وينفق ما معدله 20% من دخله الشهري لتامين ماء الشرب المعقم ، والانارة الكهربائية ، مع ان عشرات المليارات ذهبت الى وزارة الكهرباء ثم تم تبديدها وسرقتها تحت حجج واهية ، اما مواد البطاقة التموينية فأنها ، ان توفرت ، لا صلح البعض منها إلا للعلف الحيواني ، وقد ذهبت تخصيصات البطاقة التموينية الى جيوب وزراء المالكي كما هو معروف وشائع ، وتحولت اموال التموينية الى قصور وارصدة في الخارج ، وما زال عشرات الآلاف من الموظفين المنسيين الذين قضوا سنوات طويلة في الخدمة الوظيفية وهم بدون سكن يأويهم ، وتوزع الاراضي السكنية والشقق على انوفهم وهم صابرون محتسبون ، اما الفساد الاداري فانه بلاء تراق بسببه كرامة المواطن وتنتهك فيه الحرمات والحقوق ، فيما ينخر الفساد المالي هيكل الدولة على مرأى من عيون حكومة المالكي ، اما التصحر وانعدام الخطط الاروائية وتردي الزراعه بشكل مخيف فأفضل دالة عليه هو حصة الزراعة من الميزانية التي لم تتجاوز 2% ، ولا تختلف حصة الصناعة عن هذه النسبة ، وما زال العراقيون يبيعون ممتلكاتهم ليعالجوا انفسهم خارج العراق ، واطفالنا يفترشون الارض في مدارسهم ، ومئاة الآلاف من الاطفال المشردين ، ومثل عددهم من الارامل ، ومن المهجرين والعاطلين . ومع هذا يريد موقع السيد المالكي ((عراق القانون )) ان يعرف سبب اعتراض الناس على سياسة المالكي ، والصحيح هو ان الناس هم الذين يريدون معرفة ما يشغل المالكي عن مشاكل البلاد وتدهور الاوضاع . ان الناس يا ساده يعرفون جيدا مشاغل السيد المالكي ، وهي تبديد الوقت والمال من اجل ولاية ثانية ، وان هذا الامر اهم بكثير عند السيد المالكي من مصير البلاد وتهديد الاعداء للاجهاز على التجربة الديمقراطية ، وما يشغل المالكي هو التخطيط لشراء الذمم والمحاور داخل الكتل السياسية من اجل انقسامها وانشقاقها لمصلحته ، والشاغل الاقدم للمالكي هو القبول بالعهود والمواثيق والتوقيع عليها ومن ثم التنصل منها ، واكثر ما يشغل السيد المالكي هو الانهماك بتصنيف العراقيين الى مناوئين واعداء وخصوم مهما كان المكون الذي ينتمون اليه ، بما في ذلك المكون الشيعي ، ويريد من الآخرين التصديق بهذا التصنيف ، لكن الذي لم يمر بخلد المالكي ابدا ، هو انه لم ولن يستطيع اقناع بائع الفجل او يتامى محمود سلمان العجيلي بتلك التسويفات ، وانه لن يتمكن من سلب حق الوطنيين الغيارى الذين جاهدوا من اجل عراقهم وشعبهم في تحمل مسؤوليتهم في ادارة بلادهم ، وان تنصله عن جوهر الدستور الذي يختصر الطريق الى تحقيق دولة العدالة لن يجد نفعا ، وان شعبنا ماض الى ما يريد وواعي بما يكفي لافشال التسويف والمماطلة ، وان لا طريق لبنا العراق وحكمه إلاّ بتظافر جهود ابناءه ، وشراكة مكوناته المختلفة ، وانصاف المجاهدين والثوار الذين اثبتوا جدارة واخلاصا في مقاومة النظام البعثي .

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك