علاء التريج حقوقي ومستشار نفساني
ان المشهد السياسي العراقي اصبح فوضويا الى درجة من تشابك الاحداث جعل العراقيين في دوامة لا يمكن للكثير منهم ان يتذكر الازمة التي سبقت صاحبتها, و اليوم يتحدث الساسة عن ازمات من الممكن ان تعصف بالعملية السياسية برمتها, فمشاكل مع القائمة العراقية ومشاكل مع التحالف الكردستاني ومشاكل في داخل الائتلاف ( يحرص اطرافه في ان تكون داخله), و ازمات مع المواطن العراقي وازمات خارجية محيطة بالعراق تهدد وحدته وامنه الوطني ومستقبله......في تصوري ان الازمة ليست بهذا التعقيد ويمكن حلها اذا ما شخصنا العلة السببية في كل هذه الازمات, اليوم وبعد ان اتضحت الصورة للجميع وهي ان حزب الدعوة هو السبب الرئيس في خلق هذه الاشكاليات والتي كنا حذرنا منها في وقت الرومنسيات السياسية من خلال مقالات كتبناها و دراسات وكذلك احاديث خاصة مع العديد من القادة السياسيين الذين كانوا يتصورون اننا نبالغ في تشخيصنا للدور الخطير الذي يمثله حزب الدعوة على مستقبل العراق... اما اليوم لا يختلف اثنين من الساسة على تشخيصنا السابق للحزب, قد يعتقد البعض ان السبب هو ان الاخوة في حزب الدعوة يمهدون لمرحلة البناء لما بعد مد النفوذ وسيكون هناك عراق خال من الازمات و رفاهية في العيش للشعب العراقي وو.... وهذا ما يحلم به الدعاة انفسهم, لكن اقول اذا ما سلمنا بهذا الاحتمال فسيكون الواقع التالي ( بناء القصور للفقراء والعيش الرغيد بكلمة( سوف ) وهذا معناه ان تعيش الامة في العراق في عالم من الاحلام, نزاع بين اعضاء الحزب, تدخل خارجي يتم من خلاله تغيير نظام الحكم و اعادة المعادلة القديمة ( حكم الاقلية )) . من دون الاستغراق في التفاصيل ان الحزب يجيد العمل بنظرية المؤامرة لا غير, فهم ليسوا برجال بناء الدولة او لمؤسساتها وهذا لا يعني انهم لا يريدون البناء و انما تنطبق عليهم مقولة ( فاقد الشئ لا يعطيه ) فهذا هو حد امكانياتهم و لا توجد قدرة على البناء. ان العلة السببية للازمات التي يعيشها العراق هي حزب الدعوة ( دولة القانون ), قد يقول البعض انهم يقومون بملاحقة الهاشمي المتورط بقضايا قتل العراقيين و و ... اقول انها كلمة حق يراد بها باطل وهذا الموضوع يحتاج الى مقال خاص للحديث عنه من الناحية القانونية و اوجه التقصير الذي يقع على حكومة المالكي.ان الاخوة في حزب الدعوة يعيشون حالة من العزلة السياسية على جميع الاصعدة, بل ان حكومة المالكي قد تكون فقدت شرعيتها الدينية, بمعنى ان عملها خارج النطاق الشرعي وذلك يرتب عدة قضايا منها ان دعمها قد يكون محرما من الناحية الشرعية وذلك من خلال حالة الامتعاض و عدم رضا المرجعيات الدينية على هذه الحكومة بدليل ان المرجع الاعلى في النجف الاشرف السيد السيستاني رفض و لمرات عديدة استقبال نوري المالكي و اعضاء حكومته...قد يقول احدهم القمة العربية في بغداد اثبتت انهم لا يعيشون العزلة السياسية ؟ اقول ان هذا الكلام مردود و ذلك للأسباب التالي: اولا: ان القمة هذه كانت عبارة عن دعوة على وجبت غداء لا اكثر. ثانيا: ان حالة التمثيل من قبل الدول العربية تعتبر مؤشرا على امرا مبيتا للعراق في المستقبل و عدم اتاحة الفرصة له للقيام بدور رئيس الدورة او على اقل التقادير التقليل من الدور المحتمل الذي يمكن ان يلعبه العراق. ثالثا: الحكومة العراقية لا تجيد هذا الدور خصوصا وهي تمر بمخاض التصفيات و خلق الازمات مع الشركاء السياسيين. رابعا: انعقاد القمة ( وجبة الغداء ) في بغداد لا يعني بالمطلق ان العراق سينجو من مؤامرات اعدائه و انه سيجلس على عرش العروبة بين اخوته واشقائه في امن وامان... فليبيا تراست القمة السابقة واذا بدويلات ال سعود ( دول الخليج ) قامت بما قامت به وكذلك الدورة التي سبقت ليبيا كانت في سورية وهي اقرب مثال للعراق لم تشفع لها عند العرب و شيوخ الخليج, فعقد القمة في بغداد لا يعني بالضرورة ان العراق انتقل فعلا لمرحلة الامن من شر الاعراب, اني اختلف مع الكثير ممن تأملوا خيرا من هذه القمة وذلك لعدم وجود الظروف الموضوعية لها على المستوى الاقليمي و الداخلي. خامسا: ان الحضور هذا ورئاسة القمة لم تكن لحزب الدعوة بل هي للعراق كدولة. وبهذا نستطيع القول ان عقد القمة في بغداد لا تضيف الى رصيد الاخوة الدعاة رقما جديدا وليس بدليل على عدم العزلة التي يعيشها الحزب. ان نشوء المحور الطائفي المتمثل بالسعودية و قطر و بعض الدول الخليجية والعربية و تركية و المتصلة بجماعات في لبنان وسورية يحتم على الساسة العراقيين ان يتخذوا تدابير و بشكل سريع ومنها:1- تصفية الخلافات مع جميع الشركاء السياسيين وسد كل الثغرات التي يمكن ان يتخللها الاعداء.2- الانخراط في سياسة المحاور و التحالفات الدولية لمواجه محور الشر القادم من شبه الجزيرة العربية.3- تسليح الجيش العراقي بما يمكنه من الدفاع عن نفسه.4- على حزب الدعوة ان يرحلوا عن السلطة طوعا او كرها, لانهم اثبتوا بانهم ليسوا اهلا لإدارة البلاد ولا يمتلكون تصورات او مشاريع لبناء الدولة او لحمايتها او التعايش مع الاحزاب الاخرى. ولو كان للإخوة في الحزب ذرة من الشعور بالمسؤولية الوطنية او الدينية عليهم ان يتركوا الحكم للأخرين من اجل انقاذ ما تبقى. ان انتظار الساسة لمرحلة الانتخابات القادمة لن يغيير من المعادلة شئ بل انه سيزيدها سوء لان الاخوة الدعاة لن يسلموا العراق بطريقة سلسة و طوعية. وهم قد امسكوا بكل مفاصل الدولة الامر الذي سيتطلب اجتثاث الحزب من دوائر الدولة و ذلك ليس بالأمر الهين.
https://telegram.me/buratha