قاسم العجرش
أسألكم حزورة خفية مستورة عن كائن يأكل ولا يسمع ولا يقرأ ولا يرى؟...ولن تعرفوه بسربعة لأنكم لستم "بطرانين" مثلي! حسنا..قبل أيام سأل مراسل صحفي برلمانيا من كتلة كبيرة تسيدت المشهد السياسي عن مآل الترشيق الحكومي، اين وصل به الحال؟ وبسرعة الجهبذ النحرير أجاب البرلماني المبرمل "مبرمل" يعني أشبه بالبرميل، أجاب: لا أعتقد أن الوضع السياسي يسمح بالمضي قدما بقضية الترشيق الوزاري أو الحكومي، فنحن لسنا بحاجة إلى أزمات أضافية، كانت أجابته واقعية، لكني اجتهدت أن أعصر ما تبقى من دماغي، وأن أستحضر محصلتي اللغوية، وتناولت حفنة من الزبيب علني أزيد من كفاءة الإستذكار عندي كي أجد توصيفا مناسبا لمصطلح "الترشيق الحكومي" ، وقلت في نفسي ربما في التاريخ سابقة تفيد بالوصول الى هذا التوصيف .فأجهدت نفسي بحثا، ولكني اصطدمت بكم هائل من الأمثلة التي تؤدي ألى أن المسألة مسألة "نمو"!.. وقلت في نفسي إن الكاتب الجيد هو الذي يستطيع أن "يفلفل" الواقع مهما بدا الأمر باردا، وأن يرى من وراء الحجب ما لا يراه الناس، وسواء أكانت زيادة التوابل بطريق المدح أو بطريق الذم.. فوجدت أنه قريبا وربما ليس أبعد من عدة سنوات قليلة سيكون عندنا بدلا من الـ(47) وزير (470) وزير. إذ أن الأقاليم السبعة التي أشار اليها أمير المؤمنين علي عليه السلام في إحدى خطبه الرافضة للسلطة وامتيازاتها، ستتشكل هنا في العراق، وهو أمر نص عليه الدستور، وكل أقليم سيحتاج الى وزارات ووزراء ووكلاء وزارة ومديرين عامين ومجلس نواب و..و..وأحسبوها وحينها ستقولون أننا لو بقينا على خياط أمس لكان لنا أفضل!!إذن هذه هي حكاية الترشيق..!وإذا كان ترشيق فما هي أماراته ودلالاته؟ طبعا لن تجدوا لدي جوابا.. وفجأة شعرت بالإحباط وبالصداع، وترددت في مواصلة الكتابة، فهل لما نكتبه قيمة، سيان في ذلك نكتب أو لا نكتب فلا من سامع أو قاريء من الناس "اللي فوق"، ولكن مع ذلك من الأهمية بمكان ضبط المصطلحات، وتسمية الأشياء بأسمائها، وأنا لا أعرف هل يصح أن نطلق كلمة "الترشيق" على ما سيطرأ على الجهاز التنفيذي أم لا يصح؟ من هذا المنطلق، رحت أجمع قواي التي يمكن أن تسعفني قدرتي على الاستنتاج في استنباطها، وأن استعين بكتابات بعض الزملاء وخاصة في توظيف المصطلح الجديد أي "الترشيق"، الذي دخل حيز الإستخدام في متداولنا الصحفي والسياسي دون أن يكون له سابقة عند غيرنا...فقد كنا نعلم أنه عندما شكلنا حكومتنا الحالية فإننا شكلنا الجهاز التنفيذي الأكبر في العالم..
كلام قبل السلام: جواب الحزورة يكمن في أننا مضينا في حماقتنا وأخرجنا وليدا بسبعة وأربعين رأس وأربعة وتسعين قدم ومثلها أيادي وتسعمائة وأربعين أصبع ...وكنا نعتقد أن هذا الوليد الذي يمتلك أربعة وتسعين عينا ومثلها من الآذان سينظر الينا وسيسمع ما نقول، لكنه كان وليدا بسبعة وأربعين فوهة إدخال طعام، لقد كان الوليد يأكل ولكنه لا يسمع ولا يقرأ ولا يرى..
سلام..
https://telegram.me/buratha