حسين القطبي .
في عالم اليوم الذي يشهد ظهور مجتمعات متعددة الثقافات، تحافظ على التنوع اللغوي والثقافي باعتباره ارقى قيمة حضارية بلغتها الانسانية، ليس في القارة الامريكية فحسب، وانما في اوربا وشرق اسيا، وتزحف هذه الثقافة الى تخومنا حتى ترى بوادر نضوجها في دول الخليج المجاورة، مازال في العراق من يتحدث الى الصحافة حول طرد ابناء هذه القومية من هذه المدينة، وشن حرب شوارع وبيوت ضد تلك القومية وتهجير جماعي.. قبل ايام تحدث الى الصحافة احد هذه الشخصيات، يرتدي نظارات سوداء تغطي نصف وجهه، والنصف الثاني يختفي خلف لحية اكثر سوادا، ولم يبقى من سطوة كوفيته على الوجه سوى الانف. انف سافر تحدث للصحافة عن نيته "طرد" الكرد من مدينة بغداد والمدن العربية الاخرى. ترى لو عرض شريط هذا الانف السافر مترجما الى الانجليزية في احدى المحطات البريطانية، الا يتحول رأي الشارع البريطاني من الهند "كبلد الاعاجيب" الى عراق ما بعد "التحرير" لما فيه من مخلوقات تاريخية تشبه البشر، تنتمي الى عصور سحيقة، اكثر غرابة من الفيلة وافاعي الكوبرا؟ الرجل كان يعمل قاطع طريق في بدايات الفوضى الخلاقة، ثم سترت السياسة على "ماضيه" فتحول الى "سياسي"، صار يرتدي كوفية مكوية ونظارات كبيرة ويقف امام الكاميرات مقلدا مايكل جاكسون، يطلق على نفسه اليوم "زعيم تجمع الغيارى"، ولا اعرف لماذا اختار اسم "الغيارى" هل لانه ناقص غيرة ويحس لا شعوريا بهذا النقص؟ وهذا ليست شتيمة للرجل ولا تجني عليه، لان من يدعو الى تهجير العوائل والنساء وطردهم ومصادرة ممتلكاتهم بالتاكيد لا يملك غيرة... كما ان ثقافة طرد الشعوب من مواطنها، وابادتهم هي اساس الفكر النازي، هذا الذي فشل مع اندحار هتلر قبل اكثر من ستين سنه، ومنعته كل الدول الاوربية والمتحضرة باعتباره خطرا على الانسانية. وبرغم قرار منع نشاط حزب البعث في العراق، الا ان فكر البعث النازي، مازال مسموحا به في عراق الحكم الاسلامي، اذ لم تعترض على هذه الدعوة العدوانية لا المنظمات الحقوقية ولا هيئة اجتثاث البعث، ولا غيور من تجمع "الغيارى"، ففي اوربا حظروا النشاط والفكر النازي، بينما في العراق حظروا النشاط فقط، وتركوا الفكر. وللحقيقة فان مقارنة عابرة بين موقف الحكومة العراقية ايام حكم البعث الصدامي من الكرد في بغداد، وموقف الحكومة الحالية، يتبين، برغم كل القمع الذي مورس ضدهم انذاك،
الا ان احد من شلة السياسيين لم يتجرأ على الحديث بمثل هذه النازية السافرة امام الكاميرات، لان السياسيين البعثيين كانوا اقل نازية من السياسيين الاسلاميين الذين ورثوا كرسي المنطقة الخضراء اليوم! اسمه ينتمي الى احد اطوار الغناء الريفي "المحمداوي"، وحين اراد ان يغني طوره امام الكاميرات، فانه قد اختار المقطوعة النشاز، فالدعوة الى طرد العوائل الامنة من منازلها بسبب خلافات لفظية بين سياسيين، هي قفشه تخدش الاذان ويجب ان يخجل هذا المغني غير الموهوب منها، ويعتذر امام الصحافة، بنفس النظارات واللحية السوداء وبرقع الكوفية المكوية، عن طوره النشاز.
https://telegram.me/buratha