صحيفة الناس
عاد مشعان الجبوري الى بغداد وانطوت او تكاد تنطوي صفحة قديمة من الخلاف بين رئيس الحكومة والجبوري وليس بين القضاء ومشعان كما يتصور البعض واذا كان هنالك الالاف من العراقيين يقبعون خلف القضبان بلا محاكمات وربما هنالك عدد مماثل من الابرياء فان 11 دقيقة كانت كافية لحسم الملف وابطال كل التهم الموجهة لرجل كان ينفث سمه الزعاف على التجربة الوطنية الجديدة ويحرض ويلتقي قادة الارهاب الملثمين.. اما المدهش فان عودة الجبوري الى بغداد لم تكن صدفة بل تمت باستئناس اقليمي ورضا عراقي ولكلا الطرفين اهداف وادوار ومهمات كبيرة!.قبل عودته كان الرجل يقلب امره على اوجه مختلفة..فالوضع العربي وربيعه لايساعدانه على البقاء في اي بلد يشهد تطورات متلاحقة وسريعة وخطيرة وهو كعنوان جملة غير مفيدة في وثائق كتائب الربيع العربي اما المستقبل فهو لايسر اي رجل مثل مشعان الجبوري اذا مااختار البقاء في بلد التطورات العاصفة وقد يحشره الملثمون في خانة (العدوان والتامر) على الوطن ويحاكم بتهمة التواطؤ ضد الثورة ..لهذا اختار مشعان الجبوري اسرع محاكمة في التاريخ ببغداد لينفذ من اطول محاكمة قد ياتي الزمن ويفعلها ويرى العراقيون والعرب مشعان الجبوري وهو في مربع الصورة التلفزيونية وداخل مربع القضاء (العربي) يدافع عن صوته في تلفزيون (الشعب) والاموال الليبية التي استلمها من معمر القذافي!.بدأ ماراثون التطبيع مع رئيس الحكومة والعودة الى العراق بلقاءات مكثفة بين الشابندر رجل المهمات الصعبة ومشعان الجبوري ..يتابع اللقاءات اولا باول على المستوى القانوني ومع القضاء العراقي ويبحث في كومة (القش القانونية) عن منافذ محتملة في حال اشتداد محنة مشعان امام القضاء والقضاة المحامي (البارع) طارق المعموري مع ان الاخير استلم الملف وفي يقينه ان المتهم مطلوب اخلاقيا من قبل ابناء جلدة محامي الدفاع لكن المال قد يضع القانون في الجيب ويسقط كل التهم الحقيقية بما فيها التحريض على اسقاط نظام الحكم الوطني .. وعلى شنو العيب؟!.هبط مشعان الجبوري في مطار بغداد واستقبل بحفاوة من قبل مسؤول جوازات المطار الذي بالغ في الترحيب والحفاوة حيث وصل الجبوري اواسط اذار ونقل مباشرة الى قاضي التحقيق يرافقه المعموري وعزت الشابندر الذي رافقه من البداية على متن الطائرة العراقية في سيارة مظللة ولم يكن الاستقبال في المحكمة باقل من صورته في المطار!.وقف مشعان امام القاضي وتم اسقاط التهمتين اللتين كان الجبوري ادين بهما بشهادة وزير الدفاع السابق ورئيس اركان الجيش الاولى تتعلق بسرقة رواتب افواج حماية المنشاءات الخاصة بانابيب النفط التي تقدر بعشرات الملايين من الدولارات والتهمة الثانية سرقة عشرات الملايين من الدولارات خاصة بتجهيز الجيش العراقي بالطعام مابين عامي 2004- 2006!.خبير قانوني عراقي اكد ل(لناس) من باب الطرفة .. انه لايستبعد ان يمثل طارق الهاشمي المتهم بقتل العشرات وقيادة مشروع ارهابي بالبلد منذ 2003 الى حين هروبه الى كردستان امام القاضي باقل من الفترة الزمنية التي مثل بها الجبوري امام القاضي البغدادي لان المسالة هنا تدار على الطريقة التي يفلت فيها الجاني ويقبع فيها المتهم خلف القضبان والسبب ان الجاني يملك المال الذي يشتري كل الذين احتفوا به اما المتهم فلايملك من امره سوى البقاء سنوات قيد الحجز الاختياري!.التهمة الاخرى التي كان على القضاء العراقي ان يواجه بها مشعان الجبوري هو التحريض على قلب نظام الحكم الوطني في البلد وهي تهمة يذهب فيها المتهم الى اقصى العقوبة لكن الذي حدث ان القضاء عالج الامر ب11 دقيقة ذهب على اثرها الجبوري الى بيته في الجادرية بعد ان اخطر جواد البولاني وزير الداخلية السابق حيث كان يقيم في البيت على قاعدة الاحتلال بالقوة ..بامر الاخلاء!.ان امتلاك قناة (الزوراء والراي) وقيادة تيار التحريض وبث برامج خاصة بتدريب كيفية صناعة العبوات الناسفة واستخدام الكواتم والمتفجرات وعلى مدى عامين متواصلين واستقباله لشيوخ في الارهاب العراقي والعربي وهم ملثمون على شاشة هاتين الفضائيتين..جريمة سياسية مع سبق الاصرار والترصد اما من التقاهم فقد كان يصفهم بالمجاهدين وهي جريمة مماثلة لن تقلل من اهمية الجناية الكبيرة التي ارتكبها الرجل بحق العراق والعراقيين ونظام الحكم الوطني بغض النظر عمن يقود الحكومة العراقية الحالية!.بهذه التهمة - الجريمة وغياب الحسم الوطني الذي يجرم الجاني يكشف البعض ظهر القضاء العراقي وهنالك عراقيون اليوم يتحدثون عن مسالة التسييس خارج اطار مايجري من جدل حوله في البرلمان العراقي مايؤكد فعلا ان المسالة القضائية في العراق تمر بمنعطف مأساوي في ظل انعدام التوازن في ادارة الدولة وكثرة المشاكل السياسية في البلد وغياب الثقة المتبادلة بين الشركاء الكبار في العملية السياسية!.ان مايحيرالقاريء ويبكي الثكلى فعلا الانتفاضة التي حدثت في اوساط حزب رئيس الحكومة (حزب الدعوة الاسلامية) حيث عبر في بيانه عن استغرابه من عودة الجبوري واطلاق سراحه بالسرعة التي تم فيها اطلاق سراحه من المحكمة ..هل كان الحزب غير عارف بعودة الجبوري الى العراق ام انه كان يعرف ولايريد ان يتبنى سياسة الرئيس الذي يبدو انه يشتغل بادوات ومفاهيم في المصالحة الوطنية مختلفة عن ثقافة المصالحة في الحزب والياتها عنده ام هو تكتيك لابد منه بين الحزب الذي لايريد خسارة مؤيديه في اوساط الشيعة ورئيس ربما يكون في وضع لايحسد عليه محليا وعربيا ودوليا في قبول او رفض هذا واستبعاد ذاك في اطار مايسمى المصالحة الوطنية؟!.في المجمل ..يمكن القول ان الصورة ازاء المصالحة والقضاء والعدالة في رؤية المعتقلين تعاني من التباس كبير في العراق ومابين محاكمة الشهرستاني في بيته ومثول مشعان امام القاضي لمدة 11 دقيقة وبقاء الالاف بلا محاكمات خلف القضبان على تهم لاتعادل (ثحاريب) التهم الموجهة لهذا او ذاك في موقع المسؤولية الحكومية او التحريض على الارهاب .. يكمن الفرق بين العدالة والاستبداد الحق وشقيقه الباطل المتخفي بثياب القديس!.
https://telegram.me/buratha