حافظ آل بشارة
على هامش الأزمات السياسية تتفجر الازمة الاعلامية ، تصريح الساسة لوسائل الاعلام سلاح قد يقتل حامله ، التصريح وسيلة وليس غاية هدفه اما ايصال معلومات للشعب حول الازمة ، او تعبئة الرأي العام وتوجيهه ، جميع الأزمات قابلة للتصنيف ، هناك أزمة منشؤها قضائي او تشريعي او تنفيذي أو أمني او خدمي او مالي ، ولكل شأن مختصون به يفترض ان يصرحوا حوله بطريقة مهنية ، وان يكون التصريح مركزيا باسم الكتلة ، فالمتحدث او الناطق مخول اولا ومختص ثانيا ، الأزمة المتفاعلة حاليا تتعلق بموضوع اللقاء الوطني ومواقف وشروط القائمة العراقية ومواقف وشروط التحالف الكردستاني وردود افعال التحالف الوطني ، هذه الأزمة حجمها على الارض اصغر بكثير من حجمها الاعلامي ، ليس هناك من يتآمر ويخطط لهذا التضخيم بل هناك اداء اعلامي مبعثر ومتشنج وفوضوي ، كمعركة سوق البقالين ، الانعكاس الاعلامي للأزمة في وسائل الاعلام كان على شكل ضجيج ، تداخل صوتي وقرع طبول عشوائي ، عدم وجود الناطق المخول لدى بعض الكتل ، واحيانا يوجد ناطق الى جانب حشد من الخطباء واصحاب التصريحات من الكتلة نفسها احدهم يذهب شرقا والآخر غربا ويبقى رأي المتحدث الرسمي ضائعا وسط الضجيج ، وهم يحاولون تطبيق نظرية الصقور والحمائم ، فتجد عشرات الصقور وعشرات الحمائم تغرد خارج السرب في آن واحد ، ثم فقدوا التخصص في التصريح ، متحدث اصله مدرس رياضيات يصرح في قضية أمنية ، طبيب يتحدث في شؤون الارهاب ، فلاح يتحدث في شؤون النفط وما الى ذلك ، اي كتلة لا تستطيع الالتزام الا برأي متحدث واحد فيقع الباقون في دائرة السخرية وفقدان المصداقية ، هذا الاداء الفوضوي يعكس ضعف الاجندة الاعلامية لكل طرف سياسي ، في الشارع تتهاوى سمعة كثير من الكتل والشخصيات بسبب الاستخدام المتشنج والمفرط والمتضارب للتصريحات ، ومن كثر كلامه كثر كذبه وكثر اعتذاره ، اصبح دور الاعلام السياسي ارباك وتخريب الرأي العام ، وهنا نقطف الثمرة المرة عندما يلجأ المواطن العراقي الى وسائل اعلام اجنبية رصينة تمارس تسويق رؤيتها الخطيرة بشحنة اقناع عالية ، بعض الكتل رسمت لنفسها صورة سيئة عندما الغت الخطوط الحمراء بين الموضوعات الاعلامية وبين المحرمات الوطنية التي لا يجوز اخراجها الى الاعلام والتي قد تضم اسرارا تهم الامن الوطني والسيادة ، دولة بلا اسرار ولا حرمات ، نقل معركة المجالس المغلقة الى الشارع ممارسة خطيرة لها اضرار اخلاقية وأمنية ، وسط الفوضى الاعلامية لم يعد ممكنا لأي محلل مهني ان يخترق هذا الازدحام الصوتي ليقدم معلومات وتحليلات وآراء عميقة وناضجة وايجابية ، ومن يحاول يجد الف بوق يصرخ بوجهه متهما ياه بالوقوف الى جانب العدو ، من هو العدو ومن هو الصديق ؟ ومن نحن وماذا نريد ؟ اسئلة مؤجلة الى ما بعد عودة الهدوء .
https://telegram.me/buratha