السيد حسين السيد محمد هادي الصدر
الانحياز للعراق
مَنْ منّا لم يسمع باستقالة الرئيس المجري (بال شميت) خلال الجلسة العامة للبرلمان في بوادبست يوم الاثنين 2/4/2012 بعد ان جُرّد من شهادة الدكتوراه التي يحملها ،والتي أثارتْ جدلاً واسعاً حول احتمال سرقته أجزاءً من الرسالة ؟والمهم أن الرسالة لم تكن مزورةً بالكامل ، ومع ذلك فقد أحدثت أزمةً في المجر انتهت باستقالته من رئاسة الدولة ، وهي قمة الهرم ..!!والسؤال الان :أين ما يقع في العراق اليوم من تزوير للشهادات بالكامل ، وتزوير للعقود مما يجري في سائر البلدان ؟وأين ما يلقاه المزورون من العفو العام ،مما يلحق المتهمين بالتزوير في سائر الاقطار ؟ولا نذيع سراً اذا قلنا :انّ الكثير من أصحاب الشهادات المزورة يحظون بالأفضليه على أصحاب الشهادات الحقيقية وتلك كارثة أخرى ، تضاف الى سلسلة العجائب والغرائب في العراق الجديد .اننا يَنْدرُ ان نسمع أحداً من المسؤولين يعتذر عن خطأ أو تقصير ، فضلاً عن تقديمه الاستقالة وكأنَّ قَدَر العراق الجديد ، هو ان تكون للتزوير والمزورين الكلمة النافذه والحظوه الكاملة ، والاصرار على جعل التزوير مثاراً للشفقة والرحمة، بدلاً من ان يكون مورداً للمساءلة والحساب .لقد جاء في العهد الذي كتبه أمير المؤمنين الامام علي بن ابي طالب (عليه السلام) الى مالك الاشتر حين ولاّه مصر ،وهو من أخطر الوثائق السياسية المشتمله على بيان حقوق وواجبات الحاكم والمحكومين في الاسلام - قوله :" ولا يكونن المحسن والمسيء عندك بمنزلة سواء ، فان ذلك تزهيداً لاهل الاحسان في احسانهم وتدريباً لاهل الاساءة على الاساءة "ان مقتضي العدل أنْ لا يستوى المحسن والمسيء وان يكون التعامل مع المحسن مغايراً بالكامل، للتعامل مع المسيء ، والاّ اختلط الحايل بالنابل وحُكم على الاحسان بالإعدام وبُرّئ المسيء من المواخذة والعقاب .أين الظلمة من النور ؟وأين الحق من الباطل ؟وأين الطهر من الأدران ؟وأين الزيف من الحقيقة ؟وأين الذكاء من الغباء ؟انها لمفارقة مُحزنه للغاية ،ان توّفر الفرص المتتاليه لمخترقي الضوابط والقيم ، والعابثين بالأمانه والموازين ليكونوا فرسان الميادين !!ان أصحاب الضمائر الحيّه يبادرون الى الاستقاله فور شعورهم بارتكاب الخطأ أو التقصير ، ولا ينتظرون ان يجبروا عليها وانّ من يختار الاستقالة ،بقرار ذاتي ،بعيداً عن الضغوط ، يُثبت أنه أكبر من المنصب وانه لا يخشى على نفسه الضياع في دروب الحياة ، لما يجده في نفسه من كفاءة ونزاهة ومؤهلات .وانّ المتشبثين بالمنصب ،رغم تكرر الأخطاء وتفاقم التقصيرات ، يشعرون بأنهم انما حصلوا على المنصب في ظروف استثنائيه خاصة ، وفي غفلة من الزمن ،وبالتالي فهو يحرصون على البقاء في هذه المناصب لأنها أكبر منهم ،ولن تتكرر ثانيةً الفرصة التي أتاحتها لهم معادلات المحاصصة المقيته ،وتقريب الكبار للأتباع والأنصار، على حساب المعايير الموضوعيه ومقتضيات رعاية المصالح الوطنيه ...ان أهم الوسائل التي يحسنها الفاقدون للكفاءة للبقاء في مناصبهم هو اظهارهم الولاء العميق للقادة والرؤساء وبهذا الولاء المصطنع يضمنون نفاذهم الى قلوب الزعماء ، الغارقين بحُبِّ ذواتهم ،والناسين لوجوب مراعاة المصالح الوطنيه والضوابط الموضوعيه .واذا كانت الدكتاتورية البائدة منحتْ أعلى الرتب العسكرية والمواقع الرسميه لأشباه الرجال من الأميين والمتخلفين ،لا لشيء ، الاّ للتأكد من ولائهم السياسي واخلاصهم العميق (للقائد الضرورة) ،فان الفاحص الخبير ، لايعدم ان يلمح أمثال اولئك في مختلف المفاصل، ولنفس الأسباب !!إنّ الترهل القائم في الهياكل الرسميه ، لايُقضى عليه ما لم نبادر الى تكريم الاكفاء المبدعين تثميناً لجهودهم ، وإبعاد العاجزين عن النهوض بمسؤولياتهم عن المواقع الحساسة التي يحتلونها ،ونقلهم الى مواقع يحسنون معها العمل بنجاح ....ولتكن هذه هي البداية فراراً من العواقب الوخيمه للغاية
https://telegram.me/buratha