للكاتب السعودي عبدالعزيز حسن آل زايد
الظالم يظن أن قوته الخرقاء تجعله فاتحاً ومنتصراً في كل الأزمنة والأحوال؛ ليحلم كيفما يشاء، فمصير النائم الاستيقاظ ويتبخر عندها الوهم، الهزيمة الظاهرية ليست دليل ضعف؛ فالخواتيم المؤلمة أحيانا مرافقة لقصص العظماء الأبرار، ولا يعني انتصار ظلمة الجلاد الحالكة على ضياء القمر الساطع، فكم من سيف أمسى قتيلاً بنحر شهيد؟!
الأبرياء يشهرون أخطر سلاح, وقميص الظلامة لا تمزقه الذئاب البشرية، فهم بعين الله يحيون ويسيرون، بطل حكايتنا له من الفضل ما يفوق البيان، يكفي أن الله رزقه قلباً وقالباً فهو فاضل بالاسم والمعنى، فاضل المناسف، قضيته تتحرك معها قلوب العاشقين للبطولة والفداء، ومع ليلة القدر كانت طلته التي انتظرناها كثيراً، وهو الذي يصرخ في أعماقه : (السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ) فضائله تأبى أن يقف مكتوف الأيدي يخدره قمع السلطة، وتكبله عقارب السجن وقضبانه.
شهم أنت يا فاضل وكبير رغم الأكاذيب التي تحاك ضدك، فكم من أكذوبة نُسجت لإطفاء وهج الأبطال؟!، إلا أن الرواية الحقيقية لها طعم الشهد ورائحة المسك، حكايتك التي تعزف فصولها بإبداع خالدة ومقدسة, لن تكف الأجيال عن تناقلها, شجاع يحمل قلب ملاك، وستبقى مشعلاً يضيء دهاليز الظلمة.
ألقى فارسنا رداء الخوف وراءً وانطلق يقارع الظلم في عقر داره، فأحس الجبان الذي يمتلك الأساطيل بدنوِ أجله وذهاب ملكه العضوض، فأقسم غير مرّة أن ينحره إلا أن الله أخرجه من السجن ليتوج ملكا للقلوب، وهذه نار النمرود تعد لاستقباله وهل يعزب على ربك أن ينصره؟!
لم يخنع رغم ذوقه مرارة الحبس، لم يلبس وجهه أي قناع ولو كان المكر يلاحقه، بوجهه الناصع صافح حبات الندى وانتصر للمظلوم حينما صمت الجميع، كان صدراً يتلقى سهام الخيانة والغرور بمفرده، رجل مسن أدبنا الله على توقيره يهان في محضره؟!، انتفض كالسيف فرداً ودرع الله بين قلبه ولسانه، فكان الاعتقال مثواه وغابت عنا رؤياه..
وبعد أن جُمع الكيد وحشدت الأسلحة ظهرت للعيان محكمة صورية مدبرة، حيكت أجندتها بليل بهيم، في معصميه قيد ولسانه حر طليق وسوط مهذار، ظن القوم أن القيد يغل صاحبه، ألم يسمعوا بمقيدة تدعى زينب؟!، فهو على نهجها يسير، أليس الكريم وعد بالنصر لمن ينصره؟!، (إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ)، لم يرضى لنفسه التقاعس والخمول، رفض الدعة والكسل، له في كل محفل بصمة ولكل إنجاز
نسمة، نجمة هو لا تكتمل سماء الروعة إلا به، وطائر صداح لا يُنسى تغريده، لن تغيب عن ذاكرة القطيف، ولن ينساك المناضلون، فكلنا علقنا قلادتك في أعناقنا، نخط دروباً رسمتها قدماك، فكانت هي طريق الشرف والكرامة.
https://telegram.me/buratha