أحمد عبد راضي
من يتحدث عن العراق الجديد، وعن أجواء الديمقراطية وفسحة الحرية التي يتمتع بها العراقيون منذ تسع سنين خلن، لابد له من الوقوف عند مبدأ الفصل بين السلطات الذي يشكل الربح الأكبر من مجموعة الأرباح الكثيرة التي حصل عليها العراقيين بعد أن غادرتهم الديكتاتورية وحلت محلها مبادئ جديدة كانت صبغتها الحقيقية توحي بأن العهد الجديد هو عهد الحقوق والواجبات ووضع الأشياء في محلها.لا شك أن الفصل بين السلطات من المبادئ المهمة التي يجب الدفاع عنها وترسيخها بغية عدم الالتفاف عليها لاحقا والعودة الى تسييس القضاء او عسكرته، وبالتالي العودة الى حقبة مظلمة لا يريد أحد العودة اليها من جديد.إن الحديث عن تسييس القضاء وجعله أداة طيعة بيد السلطة التنفيذية مؤلم وفيه الكثير من الحرج، لكن الوقائع وما يدور في الساحة السياسية في البلاد تؤكد وبما لا يقبل الشك أن القضاء العراقي لم يعد منفصلا ولا بعيدا عن متناول المتنفذين في هرم الدولة، ولعل الكلام عن إطلاق سراح إرهابيين تونسيين وليبيين بات بحكم المنتهي، وهي مسألة وقت لا أكثر، فالصفقة عقدت قبل القمة وستجني ثمارها خلال الأيام القليلة القادمة. الصفقة عنوانها إطلاق سراح إرهابيين ولغوا بدماء العراقيين وقتلوا وذبحوا وعاثوا في الأرض فسادا، مقابل حضورنا القمة واعترافنا بالعراق!، هؤلاء المجرمون سيطلق سراحهم قريبا لأن قضاءنا غير مستقل، ولأن مبدأ الفصل بين السلطات أصبح (اكسباير) سيؤدي الى مضاعفات جانبية في حال استخدامه مرة أخرى. وما تبرئة مشعان الجبوري من التهم الموجهة اليه في أقل من إحدى عشرة دقيقة إلا دليل فاضح على عدم نزاهة القضاء، او خضوعه للابتزاز او تواطئه.. وفي جميع الأحوال فإن الدقائق الإحدى عشرة كانت كفيلة بإسقاط جميع التهم ورفع الحجز عن ممتلكات مشعان وإطلاق سراحه بكفالة، ولن نأتي بجديد إن قلنا إن هذه العملية كانت صفقة كغيرها من الصفقات التي مرت على أنوف العراقيين دون أن يستطيعوا أن يحركوا ساكنا أو ينبسوا ببنت شفة. ولن نكون صادقين إن اعتقدنا ولو للحظة أن إطلاق سراح مشعان جاء وفقا للتحقيقات والإجراءات القانونية والرسمية.صفقات وصفقات تعقد كل يوم بمرأى ومسمع من القضاء، دماء طاهرة سفكت وتضحيات كبيرة قدمها أبناء العراق كلها ستذهب أدراج الرياح إذا عدنا لمربعنا الأول وسيتردى حالنا من السيئ الى الأسوأ.
https://telegram.me/buratha