• بقلم: علي لطيف الدراجي.
عندما تحدثنا عن فرص نجاح قمة العرب في بغداد ومدى قوة القرارات التي خرج بها الزعماء العرب اومن يمثلهم ، يظن البعض اننا ضد حق العراق في استضافة القمة وعودته الى المحيط العربي بعد غياب طويل ، وربما هناك من يعتقد اننا ضد مصلحة البلد وهذا الكلام استهلك كثيراً ولم تعد له اية قيمة.ان الحديث عن مصطلح(النجاح) لايعني نجاح التنظيم من توفير كل مستلزمات الراحة والرفاهية ووسائل الاتصالات والنقل والإعلام لأن هذا الامر من المكن ان يقوم به افقر بلد في العالم وليس كبلد مثل العراق ، لأن استضافة مثل هكذا مؤتمر لابد ان تهيأ له كافة مقومات النجاح على صعيد التنظيم ، ولكن النجاح الذي نريده هو نجاح الخروج من (قمقم) الأزمات والإفلات من بئر المشاكل بقوة كبيرة وعلى وجه الخصوص في وضع الأمة الراهن الذي يتميز كعادته بالتشتت والتمزق وعدم توافق الرؤى اضافة الى التبعية لهذه البلد وذاك ، الأمر الذي اضاف لأمة العرب المزيد من الضعف والتناحر ، ولهذا وجد الكثير من المهتمين بالشأن السياسي العربي وحتى المواطن البسيط بأن القمة العربية سواء عقدت في بغداد او الدوحة او نواكشوط فهي تتشابه الى حد كبير في بنودها وفيما لو كانت اربعين بنداً او تسعة وحتى لو حضرها كل اصحاب السيادة والفخامة والسعادة والسمو بشحمهم ولحمهم او حضر من ينوب عنهم لأن الجالس خلف علم بلاده يحمل في جيبه رأي النظام السياسي ورأي من يقف خلف كواليس النظام !!ماحصل في قمة بغداد عبر بصورة او بأخرى عن التغاظي وبشكل متعمد عن ثمة ازمات تئن منها البلدان العربية ورأى فيها اصحاب الشأن ممن يمسكون ببوصلة السياسة في الوطن العربي بأنها مشاكل داخلية كي لايقحم البعض نفسه في ازمة مع بلد له مكان في طاولة القمة المستديرة او مع وحش مفترس ومن مصلحة اهل القمة الابتعاد عنها كي لاينكوي الجميع بشرار جهنم.وهكذا وجدنا ان قمة بغداد لم تخصص دقيقة واحدة فقط لمناقشة المذبحة الباردة لشعب البحرين الأبي على يد نظام غاشم لايروق له ترك السلطة ولو كلف الامر حمامات دم وان طال الزمن. وهذا الأمر توقعته قبل عام على عقد القمة واليوم قضية الشعب المؤود قد اطفأت شمعتها الاولى دون ان يتفوه زعيم عربي شريف واحد بكلمة شجاعة بحق شعب يعيش الغربة منذ عام ويواجه بروح تتنفس الكبرياء شراسة الرصاص ويُحتل تحت عنوان(شرعنة اخماد لهيب الثورة) بسلاح بلد اخر يحمل في دواخله نفس عقدة التاريخ وهي (فوبيا الشعب الثائر) على سلطان الباغي العقيم.وماحصل تحت سقف القمة كان المنطق بعينه عندما خرج زعماء 21 دولة عربية بنتيجة(الصفر) وهي دول يقال انها مسلمة ولها تاريخ وحضارة وتؤمن بالوحدة وتسعى الى الحرية وتتمنى السلام وترجو الوئام وتبحث عن الاستقرار وتروم العدل ، حيث جلسوا ساعات طويلة يتحدثوا عن اشياء طوبائية وعن احلام وامنيات ، فهذا يقول يجب وذاك يقول ربما واخر يقول من الممكن ووووو وبعد يوم واحد فقط قتل وجرح العشرات من الفلسطينيين برصاص جنود الاحتلال الصهيوني عند معبر قلنديا بين رام الله والقدس في ذكرى يوم الارض ، وقضية هذا الشعب نوقشت من قبل الأحبة قبل 24 ساعة فقط على سقوط اول شهيد فلسطيني ، وهذا يعني ان قمة العرب (طز بيهه) من وجهة النظر الاسرائيلية وهذه الرسالة لاتحتوي على شفرة وليست بحاجة الى تفسير وتحليل ، لأن كل ماقيل في قمة بغداد لم يجد اذانا صاغية من الحاضرين انفسهم فكيف نتمنى من شعب وحكومة اسرائيل ان(يتجمدوا) امام شاشات التلفزة ويتابعوا العرب وجمال طلتهم البهية وهل سيكونون على قدر عال من الجرأة ويتخذوا قرارات ربما تهز شرق الدنيا وغربها.والطريف من كل هذا وذاك ان بعض او كل من ناقش قضايا الصومال وسوريا والربيع العربي _ وفق التسمية الصهيونية _ هم انفسهم يعانون جملة من المشاكل الداخلية من صراعات قبلية وطائفية وحزبية وولائية وهم انفسهم كانوا يجلسون على الطاولة وخلايا ادمغتهم وكل جوارحهم ترنو الى بلدانهم ومن كان ينصت لكلام هذا الرئيس وذلك الوزير والسفير هم بقايا انسان يريد ان ينهي ساعات تمر عليه اثقل من سحابات الشتاء كي يعود الى وطنه قبل ان يسرق كرسيه او موقعه بلمح البصر وربما لن يجد جواز سفر يخرج بواسطته وان كنا نشك بأمتلاك مثل هؤلاء جوازات سفر.حتى المشكلة السورية التي كانت محور النقاش كما ارادتها الجامعة العربية فقد اتفق الجميع على تنفيذ خطة(انان) كمخرج لهذه الازمة وبعد ساعات قليلة انتفضت الولايات المتحدة بتصريح يقول وان نفذت سوريا خطة(انان) فعلى بشار الاسد مغادرة السلطة وهذا دليل اخر على جوفائية القمة وعدم اكتراث الكبار على صناع الازمات الذين اثبتوا في ازمنة وامكنة مختلفة بأنهم بارعون في خلق المعضلات وفاشلون في وضع الحلول ، ولن نذهب بعيداً فايام الحصاد جاءت سريعة حيث هبطت هيلاري كلنتون بأفكار جديدة راقت لحكام السعودية وتتعلق بالدرع الصاروخي وتسليح المعارضة السورية وسد احتياجات السوق النفطية في حالة فرض عقوبات جديدة على ايران ، الم تكن السعودية حاضرة في القمة واشتركت في المناقشات وعبرت عن رؤاها بشأن المستقبل العربي ام كل ماحصل كان مجاملة فرضتها الظروف.وماذا عن قطر الشقيقة التي احتظنت نائب رئيس الجمهورية العراقي المتهم بالأرهاب ، يبدو انها لم تكن حاضرة وهذا هو النجاح الذي قطفناه من قمة العصر بعد ان فرضت الإقامة الجبرية على سبعة ملايين بغدادي صعقتهم دهشة قيام دويلة من خير امة اخرجت للناس وهي تستقبل شخص من المفترض ان يقدم للقضاء لينال شيئاً يسيراً من عقاب لايرقى لحجم المأساة التي منحها وعصابته لأيتام وارامل وثكالى ، ولكن الأخت(قطر) استقبلت الهاشمي على البساط الاحمر شاء من شاء وابى من ابى ، لأن قطر اذا هي كل العالم كما قيلت من قبل. وهذا ليس كل شئ لابل لاشي من شئ ، لأننا سنصعق مرات ومرات في ايام من المفترض ان تكون ايام الحصاد لما اتفق عليه ، وسنجد ان بعض النتائج ستكون عكسية وعلى وجه الخصوص في قضية الساعة وهي سوريا ، لابل ان هناك موضوعات عدة سوف تثار وستلقي بضلالها على الوضع العام للمنطقة العربية فيما يتعلق بلبنان والبحرين ، لأن قمة بغداد لم ولن تنهي صراعات متجذرة ولم تعطي صورة واضحة لأزمة ستدخل المنطقة في دوامة كبيرة اطرافها ايران واسرائيل واخرين.قمة بغداد التي نسيت البحرين واكتفت بنجاح التنظيم لا اكثر هي مجرد موعد مع التاريخ وكما اراد البعض ان يأتي الزعماء العرب ليروا بغداد بعد حرب الاخوة والاعداء ومجازر الارهاب الدموية ، ولكن كنا نمني النفس ان تنطلق من بغداد كل بوادر السلام الحقيقة وان تحيا امة العرب من جديد وتتفق على الوقوف بجدية اكبر بوجه مؤامرات الغرب والصهيونية التي تُحاك في سوريا واليمن والصومال ومصر والبحرين ولكنهم تحدثوا عن هذه الدول دون ان يشيروا او يهمسوا عن العدو وارادته في المستقبل القريب.
https://telegram.me/buratha