حافظ آل بشارة
بمناسبة الحديث عن الاجتماع الوطني ، المراقب الاجنبي يرسم للعراق صورة البلد الذي يقف على حافة الهاوية ، لكن المراقب العراقي يرى ان بلده سقط في الهاوية ، ولا يمكن ان يجري له اكثر مما جرى ، نختلف في تقييم الأزمة رغم وضوح المشهد والاختلاف سببه المصالح ، هناك من ينقل صورة ايجابية لأنه مستفيد من الازمة او مجند لخدمة المستفيدين ، وهناك من ينقل صورة سلبية لأنه متضرر من أصل التغيير في البلد ، كلا الطرفين لا يصلح تقييمه معيارا لانه يتكلم خوفا او طمعا ، المراقب الموضوعي محب للحقيقة يكيل بمكيال واحد ، لا يهمه غضب قوم ورضا آخرين ، قال الامام علي (ع) : (ما أبقى لي الحق صاحبا) ، اهل الفكر الشرفاء هم المرشحون لهذا الدور المفقود وان كانت الكواتم لهم بالمرصاد ، بلد في القعر يبحث عن منقذين ، المثاليون يتحدثون عن ضرورة وجود مشروع وطني ، وهو قفز رومانسي لاذهان البرجوازية السعيدة ، المشروع الوطني يجب ان يسبقه توفير ارضية ، هذا بلد مضت عليه تسع سنوات من التغيير والنخبة السياسية هي العنصر الاهم في اي مشروع وهي المشكلة ، بين اعضاء النخبة خلافات وتناقضات صعبة ومتراكمة ، اغلبهم شخصيات ثابتة في الشكل والمضمون عددهم محدود ، لا يمكن تغييرهم راهنا ، بعضهم له قدسية غامضة المصدر ، فهو فوق القانون وفوق الدستور واذا لم يحقق مصالحه يغيرون الدستور والقانون لأجله ، فشلت النخبة في توحيد رؤيتها لذا تحول تنافسها الى صراع ، وتحول الصراع السلمي الى عداوات ، واسفرت العداوات عن سفك دماء ، ثم حصل انقلاب في المفاهيم ، فاذا انتصر العراق على يد طرف منهم غضب الطرف الآخر لاعتقاده ان هذا النصر يسجل باسم خصومه ، واذا اصابت العراق كارثة على يد طرف آخر ابتهج بها الطرف المناوئ لاعتقاده انها تسجل في سجل سيئات عدوه وأخذ يتمنى حصول كوارث أكثر لهذا البلد لكي يسقط فلان ويصعد علان ، لا يوجد انحدار اخلاقي في تأريخ الدول بهذا المستوى المذهل ، كلما طالبهم الناس بتصفية خلافاتهم لاذ الجميع بالصمت ، ثم هربوا يناقشون مواضيع أخرى ! لماذا ؟ لان الجميع عيوبهم متشابهة وفضائحهم متماثلة لذا غاب عنصر الصراحة والمكاشفة ، هل يمكن حل اي مشكلة بغياب الصراحة ؟ تحتاج النخبة التي تحضر الاجتماع الوطني مسلكا جديدا ، تضغط على اعصابها واعتباراتها ، تستخدم آلية الصراحة والمكاشفة تستلهم قيمة الشجاعة ، يعترف الجميع برذائلهم ثم يقررون التوبة ، ليس عيبا ان تكون للانسان مثالب ولكن العيب ان يعجز عن التوبة ، المسؤولية تتطلب مصارحة النفس قبل مصارحة الآخرين ، الاعتراف بالرذائل ، حب السلطة ، حب النفس ، حب الدنيا ، نسيان لحظة الموت ، الانانية ، الارتباط بمخططات اجنبية ، الساقطون في الهاوية اذا استطاعوا انجاز هذه المهمة الاخلاقية سيضعون اسسا جديدة للمشروع الوطني فيه تغليب لمصلحة العراق ، سوف يمسكون بالعروة الوثقى ويتسلقون حبل الانقاذ .
https://telegram.me/buratha