حافظ آل بشارة
اسوأ خبر عراقي ان الصيف قادم لامحالة فأين المفر ؟ الصيف يسجل حضوره الثقيل ، الكهرباء الوطنية تسجل غيابها المتواصل ، اصحاب المولدات الأهلية يسجلون انتصارات جديدة ، كاد الشعب العظيم ان يعتاد على العيش في عصور ما قبل الكهرباء التي شيعوها في تظاهراتهم ثم دفنوها ، لكن تصريحات بعض كبار المسؤولين تستفز الناس ، د.حسين الشهرستاني نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة قال بالحرف الواحد ان مشكلة الكهرباء ستحل بداية السنة المقبلة ، حيث تنهي الشركات عملها في بناء محطات التوليد ، وقال ان العراق سيصبح مصدرا للكهرباء ، البعض عدها تصريحات للتخدير ، وعدها آخرون معجزة كاحياء الموتى ، العراق يحتاج 15 الف ميكاواط كهرباء ، المتوفر حاليا 9 آلاف من الانتاج المحلي والمستورد ، انفقت الدولة منذ سنة 2003 وحتى الآن 27 مليار دولار على قطاع الكهرباء ، بينما انفق الناس 80 مليار دولار في هذه المدة على المولدات الاهلية ، يدعي المختصون ان كمية الكهرباء المنتجة قبل 2003 لم تتغير ! ويقولون أن بناء محطة توليد حرارية واحدة طاقتها 3 آلاف ميكاواط يكلف 3 مليارات دولار ومدة الانجاز 3 سنوات ويمكن تسمية هذا المشروع الافتراضي الساحر (333) ، العراق يكفيه 5 محطات من هذا النوع لتغطية حاجته ، كلفتها الكلية 15 مليار دولار ، مقارنة هذه المعطيات مع واقع حال الكهرباء في العراق يؤشر ظاهرة ضياع اموال كبيرة لا يمكن التغاضي عنها ، بجمع الاموال الرسمية والاهلية يكون العراق قد انفق على الكهرباء 107 مليارات دولار ولم يتوصل الى حل ، لكن المشكلة تحل جذريا بمبلغ 15 مليار دولار ، اضف اليها 15 مليارا أخرى لغرض تجديد الشبكات والخطوط ، سيكون المجموع 30 مليار دولار فقط ، يتضمن المشروع الخيالي نصب محطات التوليد ، ثم مد شبكة انابيب الوقود اليها ، ثم اعادة بناء محطات التوزيع ، وتجديد خطوط الضغط العالي والواطئ ، بمقارنة الارقام نحصل على ملف فساد كارثي في هذا البلد المتآكل ، الكهرباء ماتت وكل المليارات تنفق لتشييد قبرها ، واغرب انواع الفساد هو فساد الدفان ، يدس الميت في حفرته فرحا وسط عويل الاهل والاقارب ، ثم يتسلم مبلغا هائلا من ابن الميت لتشييد قبر ملبوخ بالسمنت الابيض وفوقه مرمرة سوداء كبيرة حفر عليها اسم المرحوم ، وفي زيارة الاربعين للميت يجد ابناؤه أن المرمرة صغيرة جدا والسمنت اسود وليس ابيض ، وفي الزيارة الثانية يجدون ان القبر قد تهدم واختفى نصفه لان كمية السمنت في البناء قليلة ، وفي الزيارة الثالثة اختفى قبر المرحوم وعاد كيوم دفنوه . مشاريع الكهرباء في بلدنا تشبه مشروع هذا القبر ، الفرق بينهما ان هذا الميت له ابناء سيهاجمون الدفان ويستردون اموالهم ، اما ميتنا المذكور اعلاه فليس له ابناء ولا عشيرة ، لذا يمكن اعادة بناء القبر الف مرة بعقود موقعة مع شركات وهمية وشركات خاسرة ، برعاية اكبر عدد ممكن من الدفانين البواسل .
https://telegram.me/buratha