د. محمد المعمار
يعد القطاع المصرفي من أهم العوامل التي تساعد على نمو الاقتصاد فبإمكانه أن يكون عامل جذب للمستثمرين أو أن يكون عامل هدم، اذ يعتمد هذا القطاع الحيوي على شيئين مهمين في تطوره ونموه وبدونهما لا يصبح له فعالية ، فالتخطيط السليم والإدارة الصحيحة تساعدان على نموه وتقدمه.التقرير الذي أعدته وكالة رويترز بشأن المصارف الحكومية العراقية واصفا إياها بان عملها بدائي ويفتقر إلى التطور ولا يساعد على جذب المستثمرين وقلة الخبرة المصرفية أثار استياء واسى واضح، إذ ليس من المعقول أن يظل الحال المصارف العراقية الحكومية، بل حتى الأهلية تعتمد الأساليب القديمة في العمل المصرفي، في السابق وفي عهد النظام البائد ربما كنا معذورين نتيجة الحصار المفروض على العراق مما جعل التطور غير ممكن ، لكن بعد سقوط النظام وبعد كل هذه السنين لم نرى الحكومة العراقية أو وزارة المالية أو حتى الإدارات العامة للمصارف العراقية بأي تقدم، فأين الخلل؟؟، هل هو في الحكومة أم في الأشخاص الذين يقودون تلك المصارف وفروعها.أسهبت بمقدمتي هذه عن المصارف الحكومية العراقية ، لكن ما يحز في النفس ان المصرف العراقي للتجارة بدأ ينهج ذات النهج الذي ينهجه مصرفا الرافدين والرشيد وبالذات ببدائية العمل والروتين المعقد، إذ كلنا استبشر خيرا بوجود هكذا مصرف متطور يضاهي المصارف العالمية ومصارف بعض الدولة العربية المتقدمة في هذا المجال.سأضرب لكم مثالا عن مشاهداتي في احد فروع المصرف العراقي للتجارة في احد المحافظات المقدسة، كوني مغترب وعدت إلى مدينتي لزيارتها، عندما يأتي إي زبون لأي مصرف ما في دول الجوار أو بقية الدول العربية يجد من التسهيلات والاستقبال الرائع من إدارات المصارف بحيث يقتنع الزبون بفتح حساب له في ذلك المصرف، لكن هذا الفرع أول ما يأتي الزبون إليه يواجه بإدارة متعصبة وغير مرنة وبالذات مدير الفرع، الذي شاهدته في الكاشير ، أول ما يطلب منك جلب المستمسكات وهذا حق شرعي لا ننكره ، لكن يطلب إن تجلب شاهد تعريف وهذا لا يوجد في إي مصرف بالعالم، اذكر مرة سنة 2000، عندما كنت في احد الدول العربية ، إني فتحت حسابا في البنك العربي استقبلت بحفاوة لا مثيل لها ولم يطلب مني سوى جواز سفري العراقي وعنواني كي يتم إرسال إشعارات على بريدي الخاص، المهم إن عرفك المدير فتح لك حساب ولم يعرفك اجلب شخص معرف، ويبدو التعامل هنا بانتقائية، كل هذا يستهلك ضياع في الوقت والجهد بل حتى يجعل الزبون يشعر بعدم الارتياح.ثم بعد ذلك يطلب منك إن تستنسخ مستمسكات الأصلية خارج المصرف، وترجع ثانية كي تقدم أوراقك، واعتقد إن هذا الشيء غير صحيح، إذ مصرف بهذه الإمكانية لا يوفر استنساخ لزبائنه كي يتم استنساخ مستمسكاتهم، وإذا قبلنا بكل هذا وتم القبول وأردت إيداع المبلغ يطلب منك بالكشف عن مصدر أموالك بجلب مستمسكات عن مصدرها إذ لا يحق لك إيداع أكثر من (10000) دولار أو ما يعادلها بالدينار العراقي، والا سيطلب منك من أين لك وهذا لم نسمع به ولم نتعامل به في إي مصرف عربيا كان أم اجبنيا مطلقا.ثم اني أول مرة ارى فيه مدير فرع يجلس في الكاونتر يعد نقود الزبائن!!، إذن ماذا يفعل أمناء الصناديق!!؟؟، قلت في نفسي لو أتت شركة أجنبية ورأت هكذا نوع من الإدارة بالتأكيد سوف تترك المصرف ولا تتعامل معه وهذه خسارة كبيرة ليس للمصرف فحسب ، بل للاقتصاد العراقي، مدير غير مرن متعصب طوال اليوم يتعامل بحدة مع المراجعين وبالذات البسطاء،كما كان يتعامل مع الزبائن كسابق عهده عندما كان مديرا لمصرف الرشيد في كربلاء فرع (....).والشيء اللافت أيضا أن السرية في العمل مهم لأي مصرفي، إذ تفاجئت عندما اسمع شيء لا يصدق من قبل هذا المسؤول ، تسألت كيف يصرح ويتباهى مدير فرع بأنه استدان مبلغ من المال قدره (...) مليون دولار من فرع النجف ، أو انه أرسل إلى البنك المركزي كذا مليار من الدنانير، عجبا إلا يجب ان تكون هذه الأمور في سرية تامة ولا يجب إن تذاع إمام المراجعين!.اعتقد أن التطور في التكنولوجيا مهم جدا في عمل إي مصرف لكن ليس وحده هذا التطور مطلوب بل يجب إن نطور الإدارات والموظفين أيضا ، فما فائدة الخبرة إذا لم تقترن بتطور الأداء وإدخالهم بدورات بكيفية الإدارة.لهذا السبب تبقى المصارف الحكومية ببدائية تعمل ومنها المصرف العراقي للتجارة مالم نغير الإدارات أو نجري لهم دورات تدريبية حديثة ليس كما تعلموه، لان العلم في عالم المصارف أصبح متقدم عنا بمئات السنين ونحن مازلنا نتعامل بالأساليب والأدوات القديمة التي عفا عليها الزمن.ترى هل نحن قادرين على ذلك، وهل نرى من كبار الموظفين في الإدارات العامة أو الفروع يقبلوا إن نقول لهم إن أساليبكم أصبحت بدائية ويجب إن تتطوروا، نأمل ذلك.
https://telegram.me/buratha