أبو حيدر ألحلفي
((السلام على فاطمة وأبيها ، وبعلها وبنيها ، والسر المستودع فيها )) لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وإنا لله وإنا إليه راجعون ، نعزي الأمة الإسلامية وبالخصوص إتباع آهل البيت بذكرى شهادة بضعة النبي سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء عليها السلام على أساس الرواية الثالثة والمعتمدة لدى الشيعة الأمامية ألاثني عشرية .قد لا يختلف اثنان من طلاب مدرسة أهل البيت في مكانة فاطمة الزهراء وعظم قدرها في عقيدة هذه المدرسة ، فهي الوعاء الذي احتوى أساتذة هذه المدرسة والحضن الذي ربا جهابذة العلم وسفن نجاة هذه الأمة ، وقد حصلت الزهراء عليها السلام على هذه المكانة من خلال الأحاديث القدسية لله تعالى ومن أحاديث النبي محمد صلى الله عليه واله وسلم والتي استدل المسلمون منها على مكانة وعظمة الزهراء ، والرسول محمد ( ص ) لم يرو تلك الأحاديث بتأثير العاطفة الأبوية أو لغاية دنيوية وإنما هي تبليغ وأمر من السماء من اجل تعريف الأمة بالزهراء .والمعرفة التامة والكاملة لا تكون إلا بعد الإحاطة بالشيء وهل نستطيع نحن أن نحيط بفاطمة ؟ فلا يعرف فاطمة ويعرف أسرارها إلا خالقها ورسول الله ومن كان كفئاً لها من المعصومين علي ابن أبي طالب عليه السلام ، ولا شك أن فاطمة عليها السلام أحرزت مقام العصمة الإلهية الكبرى وتدل الآيات الكريمة والروايات الشريفة على ذلك . والعصمة من اللطف الإلهي الخاص وتعني القمة والنورية الملكوتية الراسخة في نفس المعصوم تعصمه وتحفظه من كل شيء كما تزينه كل زين فيعصم من الذنوب والمعاصي والآثام ، وفاطمة عليها السلام معصومة بعصمة الله سبحانه وتعالى كما عصم أولادها الأئمة الأطهار ، فان عصمتهم من عصمة القران فهم الثقلان الذان لن يفترقا في كل شيء وهذا من عقيدة مدرسة أهل البيت وطلابها في الزهراء وأهل البيت عليهم السلام . ونحن نعيش هذه الأيام ذكرى شهادة الصديقة الطاهرة عليها السلام ومن باب العرفان وطلبا للثواب والشفاعة من سيدة نساء العالمين فلا بد أن نقف عند المحطات النورانية والهالة القدسية التي تحيط بفاطمة الزهراء عليها السلام ، وما دمنا لا نستطيع أن نلم بكل الموضوع ونقف عند كل هذه المحطات فإننا نقف عند محطة واحدة (( حقيقة السر المستودع في فاطمة الزهراء )) . من خلال المتابعة والبحث فان هذا الحديث لم يرد على لسان معصوم ولا يذكر في رواية من الروايات وإنما كان أية الله العظمى السيد المر عشي ألنجفي قدس سره يواظب عليه في قنوتات صلاة الفريضة وقد ضمن وصيته لابنه الأكبر أن يلتزم به في قنوت الصلاة المفروضة حيث أن السيد المرعشي في إحدى تشريفاته بلقاء الناحية المقدسة قد تعلم هذا الدعاء من الأمام (عجل) وأوصاه الالتزام به في قنوتات الصلاة المفروضة .إن أهل البيت عليهم السلام عندهم أسرار قد أمنهم عليها رب العزة ولا يحتملها غيرهم ولا يخرجونها إلى احد منهم مكلفون بحفظها وحملها وهذا هو معنى ( حفظة سر الله ) الوارد في الزيارة ألجامعه الكبيرة . ومن حديث المعصوم الأمام الحسن العسكري عليه السلام .. (( نحن حجج الله وجدتنا فاطمة حجة الله علينا )) ، ومادامت الزهراء عليها السلام هي حجة الله على المعصومين وهم حملة أسرار الله ومستودع علمه ، وبما أنهم ذرية الزهراء وأنها مفروضة الطاعة وعلى معرفتها دارت القرون الأولى تكون عندئذ حاملة الأسرار الإلهية لأنه كيف تكون حجة الله على الأئمة وهم حاملين للأسرار وهي غير حاملة لها ؟. والسر المستودع له عدة احتمالات ، وما هي إلا احتمالات لأنه كما قلنا سر من أسرار الله أودعه في الصديقة الشهيدة الطاهرة فاطمة الزهراء عليها السلام.الاحتمال الاول : - قد يكون السر هو صاحب الزمان (عج) الذي سوف يظهر الله الدين كله على يديه في أخر الزمان ، وقد يرد على هذا الاحتمال انه إذا كان المهدي (عج) سر من الأسرار المودعة في فاطمة الزهراء وكون الدعاء المذكور في مستهل حديثنا يذكر في أخره التوسل بالسر المستودع فما معنى أن يتوسل المؤمن ببنيها والذي هو - أي المهدي - منهم ومشترك معهم . الاحتمال الثاني :- قد يكون السر المستودع إشارة إلى أن ولاية الله تعالى سوف تكون في ولد فاطمة وان المعصومين منها سلام الله عليها .الاحتمال الثالث : - السر المستودع قد يكون أمر الأئمة عليهم السلام كما ورد في حديث للأمام الصادق عليه السلام : (( إن آمرنا سّر مستتر وسّر لا يفيده إلا سّر وسّر على سّر مقنع بسّر )) . وبما أن الزهراء هي حجة الله عليهم تكون الأسرار المودعة فيها معروفة عند الأئمة وهم يحافظون عليها ولا يظهروها لأحد إلا من كان محتمل لعلمهم وأسرارهم لذلك ظهر الشيء القليل منها لسلمان المحمدي وكميل بن زياد وأبي ذر الغفاري وغيرهم من المؤمنين الممتحنين . الاحتمال الرابع :- قد يكون السر المستودع هو العلوم الربانية المودعة في فاطمة الزهراء عليها السلام ويتضح هذا من خلال الأحاديث المروية في شأنها سلام الله عليها حيث كانت المحدًّثة من قبل الملائكة وكان لها مصحف يتوارثه الأئمة وفيه كل ما يحتاجونه من الذي يجري على البشر ، وقد يكون السر المستودع هو هذا المصحف الذي يحتوي على ما كان ويكون إلى يوم القيامة وهو من إملاء رسول الله صلى الله عليه واله وسلم آو أمير المؤمنين عليه السلام . الاحتمال الخامس :- قد يكون السر هو ما أشارت إليه الرواية المروية في شأن الحديث القدسي المروي عن لسان جابر بن عبد الله الأنصاري عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم عن الله تبارك وتعالى انه قال : (( يا احمد لولاك لما خلقت الأفلاك ولولا علي لما خلقتك ولولا فاطمة لما خلقتكما )) . أي أن العلة الغائية للوجود هي فاطمة الزهراء عليها السلام . الاحتمال السادس :- عندما نراجع الروايات الواردة بشأن آهل البيت عليهم السلام نجد أن مما حضي به الأئمة دون غيرهم هو أنهم يحملون اسم الله الأعظم وهذا ما صرحت به الأحاديث المروية عنهم وقد يكون السر الذي يملكونه هو نفسه الاسم الأعظم لله تعالى الذي إذا دعي به أجاب . عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال : (( إن اسم الله الأعظم على ثلاثة وسبعين حرف وإنما كان عند اصف منها حرف واحد فتكلم به فخسف بالأرض ما بينه وبين سرير بلقيس حتى تناول السرير بيده ثم عادت الأرض كما كانت أسرع من طرفة عين ، ونحن عندنا من الاسم الأعظم اثنان وسبعون حرفاً وحرف واحد عند الله استأثر به في علم الغيب عنده ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم )) . أقول : ما هذه إلا احتمالات لماهيّة السر المستودع ، ومادام هو سر من الأسرار فما ورد إلا احتمالات قد تحتمل الصواب والخطأ وان السر لا يعلمه إلا الله ورسوله وأهل البيت عليهم السلام . (( اللهم إني أسالك بفاطمة وأبيها ، وبعلها وبنيها ، والسر المستودع فيها ، أن تصلي على محمد وال محمد وان تفعل بي ما أنت أهله ولا تفعل بي ما أنا أهله برحمتك يا ارحم الراحمين وصلى الله على محمد وال بيته الطيبين الطاهرين )) . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته البصرة - أبو حيدر ألحلفي 9 جمادي الأولى 1433 هـ
https://telegram.me/buratha