خضير العواد
لقد لمح الكرد كثيراً عن إعلان دولتهم الكردية وقد أكد مسعود البرزاني هذا الأمر في أكثر المناسبات , وقد كثفوا حملتهم الدعائية عن دولتهم الموعودة ومن حق الكرد تبني مشروع الدولة , وفي الأيام القليلة قبل أعياد النوروز شدد البرزاني من حملته ضد حكومة المركز ومرافقاً لهذا الهجوم أخبر الشعب الكردي ببشارة سوف تظهر في يوم العيد , والجميع قد ترقب هذه البشارة وكان يعتقد بأعلان الدولة الكردية ولكن النوروز قد ذهب وليس هناك بشارة بمعنى الكلمة للبشارة , ولكن السؤال الذي يطرح نفسه لماذا لم يعلن السيد البرزاني عن ولادة الدولة الكردية بالرغم من توفر شروط نموذجية لمثل هذا الإعلان , فألدول التي تحيط بإقليم كردستان جميعها لها ظروف لا تحسد عليها ومنشغلة بها , فالإيرانيين منشغلين مع المجتمع الدولي حول البرنامج النووي وكذلك ترقبهم لأي هجوم محتمل على مفاعلهم النووية من قبل الأمريكان أو إسرائيل , الأتراك منشغلين بمشاكلهم مع الكرد عندهم وكذلك المشكلة السورية وتبني الأتراك لفكرة إسقاط النظام فيها , أما سوريا فحكومتها مشغولة بالدفاع عن نفسها وشعبها أمام الهجوم العالمي الذي يقوده البلدان العربيان قطر والسعودية بالتعاون مع عناصر القاعدة , أما العراق فجراح الأرهاب تعصف به و الحصار الدولي التي تقوم به السعودية وما يدور في فلكها من دول عربية تجعله لا يكترث بشماله وما يتحرك , بالإضافة لعلاقات الكرد الجيدة التي فرضتها الظروف مع المكوّن السني الذي يمتلك علاقات وروابط قوية جداً مع الدول العربية ذات التوجه الطائفي , فهكذا ظروف ليس من السهولة خلقها أو تهيئتها , ولكن هناك ثلاث عوامل منعت البرزاني من إعلان دولته الموعودة , العامل الأول هم الكرد أنفسهم ,لأن الكثير منهم يعتقد بأن الظروف غير ملائمة لمثل هذا الإعلان الأن وخصوصاً الإتحاد الديمقراطي الكردستاني الذين يعتقدون بأن إعلان الدولة يفقدهم جميع المكتسبات التي حصلوا عليها من الدولة العراقية كرئاسة الجمهورية بالإضافة للوزارات , وكذلك تخوف أكثر الكرد من إختفاء النظام الديمقراطي من حياة الشعب الكردي بعد إعلان الدولة الكردية بسبب سيطرة البرزانيين على كل مفاصل الدولة ولا يمكن لأحد أن ينقد أي عضو من أعضاء الحزب الديمقراطي الكردستاني , اي تخوف الكرد من عودة النظام الدكتاتوري ولكن هذه المرة سيأتي مع الشروال الكردي وتحت عنوان النضال والمحافظة على حقوق الشعب الكردي , العامل الثاني الذي عرقل فكرة إعلان الدولة هي عدم دفع مستحقات الميزانية من قبل العاصمة للإقليم وقد هددت أسماء لها وزنها في الحياة السياسية العراقية بإيقاف دفع الميزانية في حال إعلان الدولة الكردية , العامل الثالث المهم والمفاجئ للكرد هو تحسن الوضع في سوريا وسيطرة الحكومة هناك على أغلب المدن السورية وفشل المشروع القطري السعودي في تغير النظام بالقوة , والذي كان يتأمل الكرد من تغير النظام في سوريا أمرين الأول وجود حكومة تعترف بدولتهم والثاني فتح طرق لهم بإتجاه البحر المتوسط مما يسهل تواصلهم مع العالم الخارجي وهذا من أهم العوامل التي تقوم على أساسها الدول أي يجب لاي دولة تريد الإستمرار بالإستقلال والحرية أن تمتلك طرق خاصة بها تربطها تجارياً وإقتصادياً مع العالم الخارجي . هذه العوامل التي جعلت الكرد يتريثون عن إعلان دولتهم التي يترقبونها ويعدّون العدة لقيامها حتى ولو بعد حين , تبني فكرة الدولة بالنسبة للكرد هذا حقً مشروع تضمنه لهم جميع القوانيين الدولية , ولكن المطلوب من الحكومة المركزية أن تجعل في أولوياتها قيام مثل هذه الدولة في شمال العراق لا محال , لهذا يجب أن تجعل مصالح الشعب العراقي فوق كل حساب وأن تضع الخطط لمثل هكذا خطوة من الأن , فالدفاع عن مصالح الشعوب من أهم واجبات الحكومات في العالم , كما يفتش الأخوة الكرد عن مصالحهم فيجب أن نحافظ على مصالحنا وندافع من أجلها , لأن الذي أخرَ إعلان الدولة الكردية في شمال العراق العوامل أعلاه وإذا زالت هذه العوامل فالنتيجة الحتمية لمستقبل الكرد هو إعلان الدولة التي يحلمون بها .
https://telegram.me/buratha