رفعت نافع الكناني
ماذا كانت رؤية العرب في قمة بغداد ؟
وكما كان متوقعا ، نجحت بغداد في احتضان العرب في قمتهم 23 التي عقدت اليوم في العاصة بغداد ، بالرغم من المصاعب التي واجهت العراقيين لقهر ارادتهم التي كانت بغداد تريد ان تظهر للعالم ان العراق بخير وفي طريقة نحو التقدم والاستقرار ومعالجة كافة مشاكلة الداخلية بعقلية جديدة متفتحة وواقعية ، بعيدا عن التطرف والاقصاء وفرض الحلول الجاهزة وسياسة الانتماءات الضيقة ... اظهرت الوقائع ان الجميع الذين شاركوا بالقمة من رؤساء ووفود وضيوف ، خرجوا بمحصلة اتفق عليها الجميع ان العراق نجح تنظيميا وسياسيا ودبلوماسيا في ادارة هذة القمة بطريقة رائعة ومميزة . وينتظر قادة العراق مستقبلا واعدا بسبب ما يمتلكون من مقومات النجاح بفعل السياسات المرنة والمتعقلة التي ابدوها من خلال الاعداد لهذة القمة التي تميزت بظرف زمانها ومكانها . وما تميزت بة العلمية السياسية في العراق من اسس جديدة تتبنى الخيار الديمقراطي والتداول السلمي للسلطة وكما اكدة السيد رئيس الوزراء نوري المالكي من ان العراق نجح في ثلاث تجارب لانتقال السلطة بطريقة ديمقراطية .
تميزت قمة بغداد عن القمم السابقة بانها البداية لرسم طريق جديد لشعوب المنطقة بعد ان تجاهلت القمم السابقة ارادة الشعوب وما تطمح لة من حقوق ومطالب واستحقاقات . علامة مميزة اتسمت بها هذة القمة ، ان اي بلد عربي لم يقاطعها رغم وجود اشكالات وجدل بشان مواقف العراق من قضايا كثيرة . والعراق مؤهل للعب دور ايجابي ورئيسي لحل مشاكل المنطقة من خلال اصرارة وعزيمتة لمد جسور التواصل مع الجميع دون استثناء ، وفق ستراتيجية جديدة تنظر للمستقبل بروح ايجابية والتعامل مع العالم والمنطقة وفق مبدأ المتغيرات السياسية والاقتصادية الجديدة . كما اكدت وقائع جلسات القمة ان الجميع ينظر برؤيا واضحة للامور ، وان الشعوب العربية ادركت ان الارهاب كان نقطة سوداء في تاريخ هذة المنطقة وحان الوقت لتوحيد الجهود لمحاربتة والتعاون مع الجهد الدولي للقضاء علية ودحرة . والتاكيد على الهوية العربية والاسلامية والتنوع الديني والمذهبي والقومي في بناء دولة المواطن وليس دولة المذاهب والقوميات .
كان الحضور مقبولا من خلال مشاركة عشرة رؤساء دول ونحو 17 وزيرا للخارجية ، ولم تشهد قاعة الاجتماع انسحاب اي وفد او رئيس . تميزت قمة بغداد بعدم حضور اي ملك عربي كالسعودية والاردن والبحرين والمغرب ، وهذة مفارقة تستحق التأمل !! كانت كلمات الوفود كلها تشيد بالاعداد والتهيؤ الجيد من قبل العراقيين . كانت كلمة الوفد السعودي قصيرة ومختصرة وركزت على الجانب الاقتصادي واهميتة . من المفارقات ان كلمة وفد البحرين كانت تكيل الاتهامات والادانة للقادة السوريين بسبب قمعهم الشعب السوري !!! لم يتطرق امير الكويت الشيخ صباح الاحمد في كلمتة عن القضايا التي تخص البلدين وطرق حلها ، كما انة في بادرة حسنة وجيدة اشاد بدور وجهود القوات العراقية في حفظ امن القمة وتأمين الحماية للوفود . ورد في كلمة رئيس وزراء الاردن السيد عون الخصاونة جملة (ان امن الخليج يهم الاردن !! ) . رئيس الوفد القطري للقمة الذي يشغل منصب مندوب قطر في الجامعة العربية السيد أسامة يوسف القرضاوي لم يدلي باية كلمة خلال انعقاد القمة الحالية .
اكد السيد بان كي مون الامين العام للامم المتحدة ، ان حقوق الانسان يجب ان تكون القضية المحورية في الدول العربية ، في اشارة الى ان الحقوق المدنية للمواطن العربي اخذت حيزا كبيرا من الاهتمام العالمي . كما ان القضية الفلسطينة لم يأفل نجمها في سماء القمم العربية بعد احداث الربيع العربي ، فاخذت قسط وافر من النقاش لدعمها ماديا ومعنويا . قضية الشعب السوري ونضالة كانت القضية الاكثر جدلا في نقاشات القمة ، واكدت التوصيات التي خرجت بعد انتهاء القمة على تبني الخيار السلمي وعدم القبول بخيار تسليح المعارضة وعسكرة الانتفاضات خوفا من مخاطر الحروب الاهلية التي لاتنتهي وما ينتج عنها من تقسيم البلدان وتفتيتها لكيانات صغيرة متناحرة ، ودعوة الحكومة والمعارضة لقبول منطق الحوار من خلال تاييد وقبول مبادرة السيد كوفي عنان . كما اخذ موضوع تمتين العلاقات الاقتصادية بين الشعوب العربية موقعا بارزا في نقاشات القادة العرب باعتبارة جسر ا للتواصل الفعال بين الاشقاء في بناء اقتصادهم وتنمية بلدانهم التي تعاني من التخلف وكثرة البطالة .
وكانت هناك دعوات للعمل المتضامن لحل مشاكلنا وعدم السماح للاجنبي من التدخل في شؤوننا الداخلية والعمل من خلال جامعة الدول العربية ومؤسساتها ، في اشارة الى بناء مؤسسات جديدة داخل مستوى الجامعة وتفعيل القائمة منها ، ضمن عملية هيكلة الجامعة وتفعيل دورها التنفيذي وفق اليات جديدة توعدنا بها قمة بغداد . وكان لموضوع اسلحة الدمار الشامل تأكيد من القمة باخلاء منطقة الشرق الاوسط من هذة الاسلحة ، ومطالبة اسرائيل بالاستجابة لقرارات الامم المتحدة والمجتمع الدولي في الكشف عن ما تخبأة من ترسانة هائلة لاسلحة الدمار الشامل وما تحملة من مخاطر للمنطقة والعالم . كما تضمنت المطالب القضاء على الفتنة الطائفية ومنع ما يسمى الفتاوي التكفيرية ، والتحذير من سرقة الثورات العربية من قبل الجماعات التكفيرية والقاعدة والتحذير من الاستقطاب الطائفي للمنطقة العربية . اذن هناك رؤية جديدة للعلاقات بين العرب وفق تأثير الظروف والمتغيرات الجديدة المتشابكة .
https://telegram.me/buratha