سعيد البدري
اثبتت قمة بغداد بحضورها وما تلي فيها من بيانات وكلمات واعلان جديد يمثل انتقالة جديدة في ما وصف بالعمل العربي المشترك انها مثلت حدا فاصلا بين ماكان عليه الوضع وما يطمح اليه بعض القادة العرب في المرحلة المقبلة من تغييرات في طريقة التعاطي مع الاحداث في المنطقة رغم وجود المؤاخذات على بعض المواقف والنقاط التي اثيرت بشكل جانبي هنا وهناك لكن ما افرزته القمة يمثل واقع الحال في كثير من تفاصيله وتفاوتا بين خطابين مختلفين شكلا ومضمونا ولعل الحسنة الوحيدة التي حملتها القمة برأيي المتواضع انها شهدت انكفاء القوة التقليدية العربية التي عرفت بسطوتها ومحاولتها القفز فوق الجميع ولعلها لم تفلح اليوم بعد ان صدر بعضها الربيع العربي وحاول استغلاله لمصلحته في اعلان نظامه قائدا جديدا لمنطقة الشرق الاوسط بينما عملت انظمة اخرى على دس رأسها في الرمال عملا بنصيحة امريكية لتفادي مفاجأت هذا الربيع عموما الخطاب العربي الجديد كان واضحا بما لايقبل الشك واجمع على ان المرحلة المقبلة هي تبني مفهوم الاصلاح ولاجل ان يكون هذا الاصلاح حقيقيا لابد من وجود برنامج اصلاحي و هذا البرنامج لابد ان يكون مشتركا حين يضعه بسبق اصرار ونية حقيقية القادة العرب ثم يعمل به في جميع البلدان العربية وهذا ليس حلما او ضربا من ضروب المستحيل لكنه صعب وصعب للغاية لاننا نفهم جميعا لغة التبعية والذيلية العربية للقرار الامريكي النافذ .و في الوقت الذي يشكو الجميع من غياب برنامج للإصلاح السياسي في الدول العربية تؤكد جميع التعليقات والتحليلات العربية والغربية انه الحل الوحيد للخروج من عنق الزجاجة لان اهم اسباب الربيع العربي والنزول للشارع هو تراكمات عقود من سيادة الديكتاتوريات العربية وسلوكياتها المجحفة التي تغاضت عن ايجاد الاصلاح في بنيتها وبنية المجتمعات التي حكمتها قهرا بالنار والحديد والذي جعلها امام الواقع الصعب الذي عاشته وتسبب باسقاطها في نهاية المطاف مع ان الواضح في طبيعة مشهد ما بعد الثورات والانتفاضات وخلالها دخول دول عربية لعبت بورقة المال الاعلام وتغليب اطراف على اخرى في خط ايجاد التغيير لأنظمة عربية اخرى مع انعدام الضوابط والقواعد التي تنظم هذا التدخل لجعله في مصلحة الشعوب وهذا ما جعل التغيير يدخل في نفق اخر لكنه لم يقلل باي حل من الاحوال من خطورة المشاكل العميقة التي تهدد بنية المجتمعات العربية. ان المسارات الجديدة التي ينبغي تبنيها هي مسارات الاصلاح الحقيقي لا الشكلي قطعا لا سيما اننا تابعنا خلال العقد المنصرم سبعة مشاريع اصلاحية تقدمت بها سبع دول دون ان تأخذ اي منها لتحقيق الإصلاح الحقيقي في الواقع السياسي العربي لذلك فقمة بغداد شكلت فرصة حقيقة ليس للعراق وحدة وانما للدول العربية جمعاء في ان تتخذ موقفها وان تبدأ بداية صحيحة فهذه القمة تعتبر نقلة اساسية في العمل العربي المشترك ان اريد له ان يكون عملا متكافئا ينأ بنفسه عن تراتبية الانظمة ونفس الغالب والمغلوب ان واحدة من اهم خطوط الاصلاح في جامعة الدول العربية التي طرحت في قمة بغداد هو التركيز على دور لم يكن موجودا سابقا للمجتمع المدني العربي و ذلك ينسجم تماما مع رسالة جامعة الدول العربية التي اطلقها امين عام الجامعة نبيل العربي حينما اوضح انها جامعة للدول العربية وليس جامعة للحكومات العربية وحدها ولا بد من ايجاد صيغة محددة للانتقال بهذا المقترح او الطرح الى فضاء العمل بعيدا عن التشنجات وتعبئة الشعوب باتجاه مصالح الحكام فالمدعى اليوم انه عصر الشعوب وعلى الحكام ان يجندوا طاقات بلدانهم لتحقيق هذا الشعار ويبدو اننا بدأنا نحلم وسنحلم قطعا بان يتحقق مبتغانا في الوصول ولو الى اقل من الحد الادني لما ينبغي ان يكون بالفعل لنحس بأنه عصر الشعوب وان الجامعة لهم وليست للحكام فقط !!
https://telegram.me/buratha