محمد دعيبل كاتب واعلامي
يترقب الشارع العربي عامة والعراقي بصورة خاصة عن كثب انعقاد قمة بغداد في 29 من اذارالجاري،هذه القمة التي عدها المراقبون السياسيون والقادة والمسؤولون من العرب والاجانب من انها ذات اهمية قصوى لسببين رئيسنالاول: أنها تنعقد في ظروف صعبة تمر بها الأمة العربية بعد التحول الكبير في مسار حرية الشعوب العربية والذي يطلق عليه "بالربيع العربي" في عدد من البلدان التي أطاحت شعوبها بحكومات الاستبداد كما حصل في تونس وليبيا ومصر واليمن في الوقت الذي تشهد بلدان اخرى حركة شعبية مماثلة كما نشهده في البحرين المظلومة وسوريا التي تشهد اضطرابا يحمل بين طياته تدخلاً سافراً في سياسيتها الداخلية مع ايماننا بضرورة الاصلاح والتغيير التي لابد ان تتبناها الحكومة السورية في الوقت الذي يشهد الواقع على الارض من ان الحكومة السورية استجابت بالفعل لهذا الاصلاح ، وما مبادرة انان الا خير شاهد على ما نقول ،بيد ان اللوبي العربي الدولي المشترك قد يعقد الامر الى درجة يصعب السيطرة عليها فيما بعد. اما الثاني: فهو كون العاصمة العراقية بغداد والتي تعد مضيفا لهذه القمة الطارئة والتي تعقد في مقتبل فصل الربيع, هي أهل لذلك ،كيف لا؟ والعراق أول بلد عربي غير مجرى التاريخ بعد ان أسقط أعتى نظام استبدادي طاغوتي كان يحكم العراق والعرب بالسيف والحديد, فالعراق هو الذي مهد لتطبيق نظرية الاصلاح والتغيير بعد سنين طوال عاشتها الشعوب العربية في ليل داج ونهار تتلبد في سمائها الغيوم ،وكأن لا شمس تشرق ولا قمر يضيء ،سنون طوال من سياسة القتل والتشريد وكبت الحريات وضياع الحقوق والواجبات،سنون مر عليها التاريخ يبكي دماً عبيطاً.والحق أقول انني لم استطع أن أصف تلك الفترة المظلمة بشيء سوى ما قلت ،وان اللسان ليعجز عن وصف ما يصعب وصفه لانه فوق الوصف وفوق ارادة التعبير.بيد ان تحليلاً علمياً لهذا المؤتمر يمكن أن يحمل في أوراقه اسئلة عدة منها.1. الجانب الامني:- وهنا يمكننا ان نطرح السؤال التالي, هل ان بمقدور الاجهزة الامنية أن توفر الامن بأعلى درجات الضبط في فترة انعقاد القمة؟ والجواب على السؤال يحال الى الحكومة العراقية ومدى جاهزيتها لذلك ،في الوقت الذي يرى من خلال المؤشرات على الساحة العراقية قابلية ذلك مع توفر الحيطة والحذر واستباقية الامور والتفاعل مع المعلومة الاستخبارية بمزيد من المهنية والموضوعية،وهذا بطبيعة الحال يعكس صورة ايجابية للحكومات العربية و يسدل الستار عن ذريعة عدم القدرة على مشاركتها في القمة وباعلى المستويات خوفاً من تردي الوضع الامني واي خرق متوقع, كما ان من واجب المنظومة الامنية ان تتعامل مع منحني الارهاب بشدة وحزم وقوة وعزم ،اذ أن التساهل في هذا الجانب يؤثر سلباً على المنظومة الامنية ويفقدها القدرة على السيطرة والتحكم.2. الجانب السياسي:- لا شك ان الخلافات بين ساسة البلد تعكس بظلالها هي الاخرى على المنظومة الامنية ذلك ان كلا المنظومتين السياسية والامنية يشكلان محيطاً لدائرة واحدة ،فما ان انحرف كل منهما عن المسار أثر على الآخر وأفلت نقاط السيطرة (نقاط المحيط) عن المركز مما يشكل شرخاً كبيراً يؤول الى حدوث اضطرابا في المسار وسهولة وقوع الجريمة حينئذ.فالخلافات السياسية تعني بكل مصداقية اضطرباً امنياً.3. عدم الازدواجية ووحدة الموقف:- انه من الواضح من ان لكل مشروع سياسي, ثقافي, ديني, وما الى ذلك ،جملة من الامور كانت سببا في تأسيسه كما ان ثمة نتائج يثمر بهاالمشروع بعد ان يرى النور, وبما ان قمة بغداد تعد مشروعا سياسيا بالدرجة الاولى فلا بد ان تكتنفه مسببات ونتائج, ولا شك ان اهم تلك الاسباب والتي هي اساس اقامة مثل هكذا مؤتمرات :طرح الافكار والرؤى التي تهتم بالشأن العربي وبيان الايجابيات وتفعيلها والسلبيات ومعالجتها ورسم خارطة الطريق العربية لكل دورة من دورات الانعقاد، والحق أقول أن قمة بغداد هي قمة القمم للاسباب التي ذكرناها آنفاً, كما أن الثمرة من انعقادها هو تحقيق آمال الشعوب لا الحكومات فان ارادة الشعوب هي التي تصنع الحياة واقعاً لا العكس وان كانت الحكومات العربية مصداقاً لارادة الشعوب فنعم المولى ونعم النصير والا فليس هناك معنى لا لقمة بغداد او لأي قمة أخرى في اي وقت وفي اي زمان.اليوم تشهد الساحة العربية حركتين ظاهرهما اصلاحيتان وباطن احداهما ذات ظاهرها والاخرى فيها الظاهر عكس الباطن وشتان بين الظاهر والباطن, فحركة 14 فبراير التي انطلقت من دوار اللؤلؤة في البحرين حركة اصلاحية تغييرية تعبر عن ارادة الشعب البحريني المظلوم بعيداً عن الطائفية المزعومة 100% وللأسف الشديد جوبهت هذه الحركة التحريرية بالنار والحديد ذلك لأن الملك عقيم ويرى الحكام من خلاله ان حكمهم سيدوم الى ابد الآبدين متناسين ان الدنيا في صعود ونزول, ولو دامت لغيرك لما وصلت اليك, في الوقت الذي يفتقد اولئك الحكام الشرعية فضلاً عن مبادئ الانسانية ،فمن حق الشعب البحريني وكل الحق التعبير عن رأيه في حالة فقدانه طعم الحرية وهذا هو ديدن الديمقراطية التي تبناها الغرب انطلاقاً من ها المصطلح ونسي ان يعكسها على الآخرين واستأثر لنفسه بها عن غيره فما يلاقيه شعب البحرين المظلوم من اعتداء امبريالي صهيوني سعودي سافر ومن بخس لحقوق الشعب يندى له الجبين مع ان ما يدعى بحركة التغيير والاصلاح في سوريا لا زالت مبهمه وغير واضحة المعالم.ذلك ان اغلبية الشعب السوري لن يرض بما يسمى بالتغيير المسلح والعمل على قلب النظام ولا شك في ذلك فضلاً عن ترامي الدعوات من داخل الهيكل العربي وخارجه بضرورة اسقاط النظام بحجة التغيير والاصلاح مع ان اغلبية المعارضة السورية هي صنيعة اميركا والصهاينة والخونة من العرب, وان كانت الجامعة العربية تتعامل مع الامور بموضوعية فما عليها الا ان تحمل كلا الموقفين السوري والبحريني على مسار واحد مع علمنا بأن الذي يحدث في سوريا الشقيقة ظاهره يخالف باطنه وما دعوة بعض الحكام العرب الى ضرورة تسليح ما يسمى بالمقاومة السورية الا دليل على عمق المؤامرة وكيد الفجرة وشيطنة الغدرة وما على القمة التي تنعقد عليها الامال الا ان تنظر برؤيا واحدة وبعين باصرة لا بنظرة مزدوجة لكل من البلدين الشقيقين ، افهل هذا ما سيحدث فعلاً؟اضف الى ذلك أن المشاكل العالقة بين الكويت والعراق واخراج الاخير من البتد السابع أو القضية الفلسطينية التي اكل الدهر عليها وشرب والازمة في البحرين وسوريا واحداث الربيع العربي وما يتعلق بالشان الاقتصادي او السياسي او الثقاقي للجامعة العربية وما الى ذلك من امور احرى ،فضلا عن علاقة العرب بتركيا وايران اللاعبين الاساسيين في المنطقة وعلاقتهم بالمحيط الدولي والدول العضمى كل ذلك له من الأهمية بمكان في مائدة الحوار والنقاش العربي العربي, في الوقت الذي ينبغي على القادة العراقيين عدم اقحام الشأن الداخلي في الشأن العربي ذلك لأن الامر يعد سخرية بكل معنى الكلمة.فمشاكل المسار السياسي العراقي لا يحلها الا قادة الكتل السياسية انفسهم وهم قادرون على ذلك وبصدق شريطة تغليب المصلحة الاعم على المصالح الفئوية والذاتية وفي هذا كفاية لحل الازمة داخلياً بعيد عن اروقة القمة التي من شانها الاهتمام بمشاكل البلدان العربية بعضها مع البعض مع اخذ بنظر الاعتبار ارادة الشعوب لأن الشعب مصدر السلطات. قلة التمثيل العربي من المؤسف جدا ان يتلقى نبيل العربي رسالة من قادة الدول الخليجية يشترطون فيها اشتاركهم في القمة اعطاء المسالة السورية اولى الاولويات وترك الحديث عن حركة البحرين التحررية ، وفرض عدم مشاركة الرئيس السوري وغض النظر هن حاكم البحرين ،ما ذاك الا دليل عى محاولة تسييس القمة وفق الاهواء والرغبات تحقيقا لرضا اعداء العرب وامراء القتل والارهاب مما يحرف مسار القمة عن المسار الحقيقي ويضعف من قوتها وهيبتها ويصغر من شأنها ويقلل من اهميتها لتكون عنوانا لاسم بلا مسمى وقرارا تها حبرا على ورق،وكان امراء الخليج هم رؤساء القمة لا العراق الحر الديمقراطي. ومع قلة التمثيل العربي فان فرص نجاح القمة اكبر من المتوقع فيما اذا كان العراق جادا في ترأسه الدورة الحالية بمزيد من المهنية والموضوعية. اقول ستنتظر الشعوب العربية وما تثمرعنه قمة الربيعين الربيع الطبيعي والربيع السياسي من نتاج على أمر من جمرليكون يوم 29من اذار عام 2012 يوما تاريخيا للامة العربية ،وحينها سكون لنا كلام آخر.
https://telegram.me/buratha