( بقلم : علي حسين علي )
منذ سقوط النظام الصدامي المستبد وحتى يومنا هذا ما تزال وسائل الإعلام المغرضة تعمل على اتجاهين، الأول: المبالغة في تضخيم الأحداث الجارية في العراق وتوظيف ذلك لإظهار العراقيين السنة وكأنهم مهمشون ومظلومون ويجري قتلهم على الهوية..والثاني: التحريض على الطائفية من خلال نقل فتاوى فقهاء الارهاب التي تكفر اكبر مكون عراقي وتدعو إلى ابادته..وقد استطاعت الفضائيات التكفيرية أن تبث الفتنة داخل المجتمع العراقي بحدود ضيقة إلا أن دورها في تشويه صورة العراق المستقل والتسامح قد كبر إلى حد كبير في السنتين الماضيتين..وزادت تلك الفضائيات من الجفوة بين العراق الجديد والعديد من الدول العربية التي ظل بعض كبار مسؤوليها يستعمل ما تبثه الفضائيات ووسائل الاعلام الأخرى المغرضة وذات الهدف الهدام، ظل يتخذ من كل ذلك حجة وذرائع للتنصل من من مسؤوليتهم أزاء شعب العراق.
وفي حين لا يتوقف الاعلام الرسمي العربي من يريد ترهات الفضائيات التكفيرية من أن السنة يقتلون يومياً وأن هناك حرب إبادة ضدهم، فان اطلاع الحكام وكبار المسؤولين العرب على حقيقة ما يجري في العراق صار أمراً يتسم بالصعوبة، وقد يكون بعضهم يعرف الحقيقة إلا أنه يتفادى الاعتراف بها.
من هنا جاءت زيارة سماحة السيد عبد العزيز الحكيم رئيس المجلس الاعلى للثورة الاسلامية وزعيم الائتلاف العراقي الموحد الى بعض الدول العربية والخليجية منها على وجه الخصوص لإطلاع المسؤولين فيها على حقائق ناصعة: أولها أن الحكومة العراقية الحالية هي حكومة وحدة وطنية وشراكة أيضاً ولم ينفرد أي مكوّن في المجتمع العراقي بالسلطة أو يستأثر بها. يقول سماحته بعد لقائه برئيس دولة الإمارات العربية المتحدة يوم أمس الاول: (أن العراق الجديد هو عراق الشراكة الحقيقية بين مكوناته في إدارة شؤونه..وان ذلك يأتي من أجل توفير الحد الأعلى من الطمأنينة لدى الجميع والتي يمكن من خلالها الوصول الى حالة من الثقة المتبادلة).
وكان كلام سماحته دقيقاً وصادقاً وموضوعياً أيضاً، فمجلس النواب وكذلك الحكومة الحالية تضمان جميع أطياف الشعب العراقي، وأن السنة ممثلون في المؤسستين وتمثيلهم لم يكن صورياً، بل توفر لهم عن طريق اتخاذ القرارات المهمة بالتوافق ما يعطيهم تعطيل أي قرار تقره وتريده الاغلبية، فهم - أي السنة- ممثلون في ثلاث مؤسسات: الرئاسة التي يشغل فيها السيد طارق الهاشمي منصب نائب رئيس الجمهورية..ومجلس النواب الذي يتولى السيد محمود المشهداني رئاسته، فضلاً عن الحكومة التي يتولى السيد سلام الزوبعي منصب نائب رئيس الوزراء..وكل تلك المناصب الرفيعة تتيح لشاغليها المشاركة الفعلية في القرار الأهم الذي تريد الدولة اقراره..وهذا الدور الذي يقوم به الزعماء الثلاثة يعد مفصلياً وله تأثير بالغ الأهمية.
ويأتي ذلك مصداقاً لقول السيد الحكيم بأن الشراكة الحقيقية تؤسس للطمأنينة وصولاً الى الثقة المتبادلة.أما ما تناولته الفضائيات ذات الغرض السيء من مزاعم وإدعاءات بأن (السنة العرب) ممهدون فقد دحضه سماحة السيد الحكيم عندما قال: (ان العلاقة التي تربط بين ابناء الشعب العراقي مبنية على أسس المحبة والوئام على مدى مئات السنين، وخير دليل على ذلك هو التعاطف الذي يبديانه السنة والشيعة مع قضية عاشوراء من خلال دعم المراسم الحسينية التي جرت هذا العام).
فكل ما يقال أو يشاع من نزاع بين العراقيين هو زور وبهتان ولا يعطي صورة واضحة للتلاحم وأواصر والمحبة والقربى التي تربط بين العراقيين جميعاً، أكانوا عرباً أم كرداً أم تركمان أم غير ذلك من القوميات المتآخية في هذا البلد..أم كانوا مسلمين أم مسيحيين، والسيد الحكيم كشف في لقائه برئيس دولة الامارات العربية المتحدة لسمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان وكبار المسؤولين في الدولة عن(ان التكفيريين والصداميين هم من يحاول اثارة الفرقة والتصادم ويجتهدون من أجل زرع بذور الفتنة بين صفوف العراقيين). وتلك حقيقة ناصعة، فالذي يقتل على الهوية هم ابناء المكون الاكبر في العراق، والمهجرون من بيوتهم قسراً غالبيتهم العظمى من اتباع أهل البيت (ع).. والذين تستهدفهم السيارات المفخخة هم من العراقيين الابرياء الفقراء الذين يبحثون عن لقمة العيش.. وكل هؤلاء هم ضحايا التكفيريين.. ولا يخفى الغرض من تفجير مرقد الامامين العسكريين (ع) في شباط من العام الماضي.. ومع ان الحادث جلل والمصيبة كبيرة فقد بادرت المرجعية الدينية في النجف الاشرف والقادة السياسيون الوطنيون الى احتوء الفتنة تلك على رغم المأساة التي اصابت معظم ابناء الشعب العراقي.
واذا كانت زيارات سماحة السيد الحكيم الاخيرة الى بعض بلدان الخليج ودولاً غيرها قد اوضحت الصورة الواقعية للعراق الآن، ورسمت خطوطاً متصاعدة لمعاناة الشعب العراقي بأجمعه جراء الهجمة التكفيرية والصدامية على حياة وممتلكات العراقيين.. الا ان سماحته، وباعتباره يتولى زعامة الائتلاف العراقي الموحد بمجلس النواب، وهو الكتلة الاكبر فيه، فإنه لا شك يسعى من وراء ذلك الى تمتين اواصر العلاقات الايجابية مع الاخوة والاشقاء العرب.. ويفتح باباً للحوار معهم بما يقضي الى مصلحة الجميع في هذه المنطقة، والتي تتعرض بكاملها الى هجمة ارهابية شرسة تستهدف انظمتها اولاً وشعوبها ثانياً.. ولعل قدر العراق ان يكون المصد بوجه الارهاب التكفيري الصدامي في هذا الزمان.
https://telegram.me/buratha