( بقلم : عبد الاله البلداوي باحث في الدراسات الإستراتيجية والأمنية )
1- المقدمة:سؤال يطرح نفسه ويتردد كثيراً على ألسنة الناس وفي الصحافة المحلية والعربية والدولية، مفاده: ماهو نوع الحرب التي تجري حالياً في العراق؟ هل يمكن تسميتها بحرب طائفية ؟ وما نوعها ؟ هل هي طائفية سياسية أم طائفية مذهبية أو كلاهما، أم إنها حرب أهلية، أم إنها صراع على السلطة بين جهتين، جهة أقلية خسرت السلطة التي كانت تملكها منذ 1920م وفقدتها في نيسان عام 2003م وهي تحاول استرجاعها بكل ما أُوتيت من قوة، وبين جهة أغلبية أستلمت الحكم بعد سقوط نظام صدام، حيث كانت معارضة للسلطة مظلومة ومضطهدة وقضت أغلب عمرها في الغربة، أم أنها حرب مخابرات بين جهات أقليمية ودولية لتصفية الحسابات فيما بينها على أرضه وجعلوا العراقيين وقود هذه الحرب، وهل توجد في العراق حرب شوارع وحرب عصابات وخصوصاً في العاصمة بغداد ومحافظة ديالى، أم انها تصفية حسابات وصراع بين مجاميع عصابات الجريمة المنظمة، القوي يأكل الضعيف وكل عصابة تحاول السيطرة على أكبر عدد من الأحياء وجعلها تحت سيطرتها، أم أن كل ماذكر هو موجود في العراق. أن الحرب ظاهرة اجتماعية قديمة صاحبت الإنسان منذ نشأته على الأرض، وعبرت عن طبيعته التي إن كانت تميل إلى السلم، فهي تلجأ إلى الحرب من أجل حمايته والمحافظة عليه، بل إن الرغبة في الحرب عند بعض الشعوب البدائية، هي الغالبة على الرغبة في السلم، لأن هذه الشعوب تعيش في خوف من انقضاض عدوها عليها فتظل متربصة متحفزة حتى لا يأخذها على غرة، لذا انتشرت حروب عديدة قبل الإسلام، وكان معظمها يقوم على أسباب تافهة، إذ كان النظام القبلي هو السائد في الجاهلية، وكانت القبائل في تخاصم وتطاحن مستمر أشهرها حرب البسوس، وحرب داحس والغبراء وحرب الفجار. والحقيقة أن الأمر لم يقتصر فقط على الجزيرة العربية، بل كان الظلام الدامس يحيط أوروبا والغرب، ودارت هناك صراعات، تنوعت دوافعها، وانتهكت فيها الحرمات، ومازال العالم حتى هذه اللحظة يعاني من ويلات الحروب، لذا جاء الإسلام ليخرج الناس من ظلمات الجهل إلى نور المعرفة، وليخرجهم من مرحلة النزاع الدائم إلى الرحمة والعدل والسلام، فضبط الحروب ووضع لها القواعد، وجعلها لصالح الإنسان، قائمة على أسس من العدالة، وجعل الدافع لها حماية الحق ودفع الظلم وبنى قواعدها على أسس ثابتة وأصول محكمة.ويتحرك الصراع عادة على اصعدة عدة: دبلوماسية وتجارية ومالية واعلامية واستخباراتية ودعاوية ثم يتطور الى حرب سياسية وحرب اقتصادية ثم الى التهديد بالحرب واخيراً الحرب.وللحرب نتائج غالباً ما تكون أهم من الحرب نفسها، حيث تؤثر هذه النتائج على مجرى حياة الانسان، من الناحية الاقتصادية والاجتماعية والاخلاقية والعلمية، فللحرب الحديثة (ومن ضمنها الحروب الثلاث التي خاضها العراق في زمن النظام السابق) طابع تدميري مهول، مدني وعسكري، للأنسان والممتلكات. ولكي نخوص في البحث من أجل الوصل الى الحقيقة على مايجري في العراق من حروب لابدَّ لنا في البداية من ان نعرّف الحرب ومفهومها وانواعها.2- المدخل:أ- تعريف الحرب لغةً: - الحرب: نقيض السَّلم، تُؤَنَّث، وتصغيرها حُرَيْب رواية عن العرب، ومثلها دُرَيْع. ورجلٌ مِحْرَب: شُجاع، وفلانٌ حَرْبُ فلانٍ أي يُحاربُه.ودار الحرْب: بلادُ المشركين الذين لا صُلْحَ بينهم وبين المسلمين. (الفراهيدي: كتاب العين 1: 361)- الحرب: نَقيضُ السِّلم، أُنثى، وأَصلُها الصفةُ كَأَنها مُقاتلةٌ حَرْبٌ، هذا قول السيرافي، وتصغيرها حُرَيبٌ بغير هاءٍ، روايةً عن العرب، لأنها في الأصل مصدر، ومثلها ذُرَيعٌ وقُويسٌ وفُرَيسٌ (ابن منظور: لسان العرب 3: 99).ب- تعريف الحرب إصطلاحاً: - قال رسول الله (ص): الحرب خدعة.وهذا عند جميع العقلاء أيضاً.- وقال الإمام علي (ع): كن في الحرب بحيلتك أوثق منك بشدتك، وبحذرك أفرح منك بنجدتك، فأن الحرب حرب المتهور وغنيمة المتحذر.- وقيل: المكر ابلغ من النجدة.- وقيل: حازم في الحرب خير من الف فارس، لأن الفارس يقتل عشرة وعشرين، والحازم قد يقتل جيشاً بحزمه وتدبيره.- وقيل: الحرب صعبة مُرة والصلح أمن ومسرة.- وقيل: الفتنة نائمة فمن ايقظها فهو طعامها.- وقال عمرو بن معدي كرب: الحرب هي مرة المذاق اذا شمرت عن الساق، من صبر فيها عرف ومن ضعف عنها تلف.- وصف رجل الحرب فقال: أولها شكوى وآخرها بلوى وأوسطها نجوى. (الاصفهاني: محاضرات الأدباء 3: 134 و 176)- الحرب: بأنها نزاع مسلح ينشأ بين دولتين أو اكثر لأسباب سياسية أو دينية أو اقتصادية أو اقليمية. - الحرب- كما يقول كلاوزفيتز- ليست إلا متابعة لتحقيق الأهداف السياسية العليا للدولة ولكن بالقوات المسلحة، أي بوسائل القوة والعنف. ويقول كلاوزفيتز أيضاً الحرب: عمل عنف يقصد منه اجبار خصومنا على الخضوع لأرادتنا، وهي ليست مجرد عمل سياسي، ولكنها أداة سياسية حقيقية وامتداد للسياسة بوسائل خرى، أي هي أداة سياسية لحماية مصالح الدولة وتوسيع دائرة نفوذها.- يمكن تعريف الحرب من وجهة النظر السياسية بأنها: جملة أعمال القوة التي تقوم بها دولة ما، أو جماعة دولية، لإجبار الخصم على الانصياع لإرادتها. ومن هنا يمكننا القول إن هدف الحروب واحد لا يتغير ألا وهو: التغلب على الخصم لاجباره على قبول وضع معين لم يكن يرضى به قبل الحرب. - الحرب: هي استخدام القوة بين جماعتين من البشر، تخضعان لنظامين متعارضين لهما مصالح متعارضة.- الحرب بمعناها العسكري: هي فن تحقيق مطالب جماعية باستخدام القوات المسلحة، وهي تخضع للسياسة العسكرية، وتطبق الاستراتيجية العليا والعمليات والتكتيك.اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha