أبو حيدر ألحلفي
بمناسبة ولادة السيدة زينب الكبرى عليها السلام نبارك للأمة الإسلامية جمعاء ذكرى ولادة السيدة زينب الكبرى بنت أمير المؤمنين عليهم السلام .ورثت مصائب آمها فقابلتها بصب أبيها .الكثير من المؤمنين لا يعرفون عن حياة السيدة زينب بنت علي بن أبي طالب عليهم السلام قبل كربلاء ، صحيح أن هذا الكيان سطع في سماء الشموخ والكرامة خلال ملحمة كربلاء وما بعدها ، وصحيح أن وجود الشموس الطالعة من أل البيت قد غطى على وجود زينب الكبرى عليها السلام ، فقد عاشت قبل كربلاء أربع وخمسون عام حافلة بأحداث صقلت هذا الكيان الذي يوصف عند البعض بالكيان الضعيف .لقد عاشت زينب الكبرى بعد ولادتها في الخامس من جمادي الأولى السنة السادسة للهجرة في بيت نزل فيه الوحي وبين أحضان سيدة نساء العالمين وفيوضات الرسالة ترفرف عليها وتحت رعاية الإمامة وهي تنهل من هذه العلوم والأخلاق أسمى الدروس التي زادت من قوة شخصيتها ونضوج عقلها الذي وسع الدنيا وما فيها ، فمن فاجعة فقد جدها الرسول الأعظم ( ص ) ، إلى معايشتها الهجوم على الدار وكسر ضلع آمها وإسقاط الجنين وبعدها فقد الزهراء عليها السلام على اثر هذه الحادثة ومعايشتها الأحداث في زمن خلافة الأمام علي بن آبي طالب عليه السلام والفاجعة الكبرى التي أبرزت شخصية زينب عليها السلام هي ملحمة كربلاء وما بعد كربلاء .من خلال هذه السنين التي عاشتها العقيلة زينب نود أن نستخلص بعض الدروس التي تفيد بناتنا وأخواتنا وتفيدنا نحن معشر الرجال لكسر روح المكابرة ولينظر بعض الرجال لقيمتهم أمام هذا الطود الشامخ الذي علم الإنسانية وليس النساء فقط كيفية الشموخ والعظمة والعفة والثبات .زينب التي مارست الدور ألتبليغي لمدة أربع سنوات في الكوفة والتي كانت تعطي الدروس لنساء الكوفة تعطي درسا" لأهمية الدور التبليغ في الآمة وتكون قدوة للنساء اللائي يردن رفع مكانة المرأة العلمية وتفقهها في الدين .زينب التي ما كان يرى شخصها وكان الأمام علي يأمر بإطفاء القناديل عندما تذهب لزيارة قبر جدها وبحراسة الإمامين الحسن والحسين عليهم السلام ، تخرج مع أخيها الحسين عندما يحتم الواجب الشرعي عليها ذلك وهذا درس زينبي لأولئك النساء اللائي يترددن في نصرة الدين ونصرة الحق وأهل الحق . زينب التي تربت في بيت اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا تعطينا جميعا" درسا" في كيفية الذوبان في حب الله والانقطاع لعبادته في ظروف لا يمكن تحملها ولا يستطيع الإنسان أن يملك زمام شخصيته ، ففي ليلة الحادي عشر من المحرم وجسد الإمام المعصوم (( أخيها )) مطروح على الرمضاء وأجساد أخوتها وأبنائها ما تزال مقطعة ، في هذا الجو المأساوي لا تترك العقيلة الواجب ( المستحب ) ، نعم يفتقدها الإمام زين العابدين فيبحث عنها ويجدها في إحدى الزوايا جالسة تصلي صلاة الليل ، انظر إلى قول الأمام ، لم يندهش لهذا الموقف وإنما يتعجب بالقول : أتصلين جالسة ياعمة !!!فهو يخبرها جيدا" ويعلم ماهي زينب بنت أمير المؤمنين التي لا تأخذ بلبها وعبادتها هول الإحداث ، ولكن سلام الله عليها تصلي النوافل من جلوس وهي العالمة الغير معلمة بشهادة المعصوم . زينب ( المرأة ) تعطي للأمة من الرجال والنساء معنى الشموخ وقول كلمة الحق أمام سلطان جائر، تقف لبوة علي عليه السلام أمام الطاغية يزيد وتقول : كد كيدك وناصب جهدك فوالله لا تمحو ذكرنا ولا تميت وحينا .... وينهدر ذلك السيل العلوي من البلاغة والفصاحة وتحطم عنجهية يزيد وتكسر الصمت الذي أطبق على الأفواه وتفضح الحكم الأموي وتفضح حقيقة الكذبة التي أرادها أن تنطلي على الأمة .زينب بهذه المكانة والشخصية أوضحت للأمة يوم عاشوراء كيفية الطاعة للأمام الشرعي والانصياع لتعليماته ، فبعد مصرع الحسين عليه السلام وهجوم خيل الأعداء بقبس من نار على الخيام وصوت ذلك المسخ يعلو (( أ حرقوا بيوت الظالمين ولا تبقوا لأهل هذا البيت باقية )) ، زينب تلتفت للأمام زين العابدين عليه السلام وتستوضح منه بسؤال المكلف إلى المرجع : ماذا نفعل يابن آخي !!هي عالمة ماذا عليها أن تفعل لان الخيام قد أحرقت وعليها أن تهرب ولكن تريد أن تستوضح الحكم الشرعي يحتم عليهم البقاء في الخيام من ناحية ، ومن ناحية أخرى أرادت أن تشير إلى أن الأمام المعصوم الواجب الطاعة بعد الأمام الحسين هو الأمام علي بن الحسين عليهم السلام .زينب عليها السلام نصبت في المدينة بعد عودتها من الشام مأتم للحسين ، ليس للبكاء والنحيب والعويل ، بل لتوضيح أهداف الثورة الحسينية وتأليب الرأي العام في المدينة المنورة على الحكم الأموي فضاق منها الوالي الأموي ذرعا" فكتب بذلك إلى سيده فأمره بإخراج زينب من المدينة المنورة وهي سياسة الطغاة في الإبعاد السياسي للمعارضين .فأبعدت السيدة زينب من مدينة جدها واختلفت الروايات في الجهة التي أبعدت أليها، فمنهم من يقول إلى الشام وأخر يقول إلى مصر ، ونتيجة هذا الاختلاف في روايات الجهة التي أبعدت إليها عليها السلام حدث اختلاف في مكان قبرها .رواية تقول ماتت في النصف من رجب سنة 63 للهجرة ودفنت في البقيع ، وأخرى تقول ما تت في الشام بعد تدهور صحتها في الطريق عندما مرت بشجرة اركن إليها رأس الأمام الحسين عليه السلام عندما ساقوهم سبايا إلى ارض الشام ، ورواية أخرى تقول دفنت في القاهرة ، فألى أي مكان أبعدت إليه وفي أي ارض دفنت لا يغير من واقع الظلم الذي وقع على آهل هذا البيت ولا يغير من شخصية زينب شيء .فسلام الله عليها يوم ولدت ويوم ما تت ويوم تبعث لتخاصم ظالميها .
أبو حيدر ألحلفي4 جمادي الآخرة 1433هجرية
https://telegram.me/buratha