المقالات

فن القيادة الإبداعي......(1)

931 12:49:00 2012-03-23

حسين جميل الركابي

الإنسان بطبيعته كائن اجتماعي يميل إلى الجماعة كما أن ظروفه, ومصالحه, تحتم عليه ان يتالف ويتأقلم مع الاخرين, وينتظم معهم, والعالم منذ مدة ليست بالقصيرة اتجه الى التنظيم الجماعي,,الذي من أهم مظاهره,الأمم المتحدة, دول عدم الانحياز,المؤتمر الاسلامي, الاتحاد الأوربي,التيارات,الجامعة العربية, النقابات,الكتل,الأحزاب السياسية..وطبيعي ان الجماعة هي مجموعة من الافراد يجمعهم شعور مشترك,وحافر مشترك,وكل جماعة تحتاج الى عاملين رئيسيين لبقائها واستمرارها1-القيادة 2- الروح المعنويةبحوث عديدة ودراسات مستفيضة ومتشعبة لم تقف عند حد, تناولت مفهوم القيادة, والممارسة القيادية في المجالات الدينية,والسياسية,والعلمية,والعسكرية,والفنية,باعتبار ان هذه المجالات اجتماعية,وهنا يأتي دور القائد ليرشد,ويلهم الآخرين, وهذه النقطة بحاجة الى توضيح,لانها موضع افتراق وليس اتفاق,افتراق حول الخصائص والمميزات التي يفترض ان يتصف بها أولئك الذين يتصدون للاعمال القيادية,لان هناك طائفة كبيرة تعتقد ان لكل ظرف,ولكل هدف نوعا خاصا من القيادة قد لاينفع في ظرف اخر ولهدف اخر,ومع كل هذا نعود فنقول ان الذين بحثوا في العلائق البشرية والتنظيم والإدارة,وتحدثوا حول الصفات,والمهارات,اتفقوا على ان القائد يجب ان تتوفر فيه طاقة هائلة,من ضبط الأعصاب, روي صحفي انه ظفر بمقابلة هندنبرج يوم كان رئيسا للجمهورية الألمانية,وحاول ان يستطلعه سر شجاعته ورباطة جأشه,فسأله: -ماذا تصنع يافخامة الرئيس حين تضطرب أعصابك؟فقال الرئيس: اصفرفقال الصحفي:ولكنني لم أسمعك تصفر ابدا.فقال الرئيس: وانا لااصفر ابدا!يقول أمير المومنين الامام علي(ع): (نزلت انفسهم منهم في البلاء كالتي نزلت في الرخاء) يقول شهيد المحراب السيد محمد باقر الحكيم(رض) في المنهاج الثقافي السياسي الاجتماعي في معرض حديثه عن ضبط العواطف وتوجيهها :ان هذه القاعدة تعني الالتزام في العلاقات الاجتماعية بضبط الأحاسيس والمشاعر والانفعالات التي تطرأ على النفس الإنسانية بسبب التفاعل مع الأحداث ومشاهدتها,وتفاعلات اثارها ونتائجها, وتعبر هذه الضابطة في احد ابعادها عن التكامل الذاتي في حركة الإنسان نحو الله,فقد ورد في حديث اهل البيت(ع) تاكيد هذه الضابطة عموما في الوصول الى هذا التكامل,حيث روى الصدوق بسند معتبر عن شعيب العقرقوفي,عن الامام الصادق(ع) قال:(من ملك نفسه إذا رغب,وإذا رهب,وإذا اشتهى,وإذا غضب,وإذا رضي حرم الله جسده على النار) كان هناك شخص من اشد المقربين الى الامام علي(ع) اسمه صعصة بن صوحان العبدي كان جزل اللفظ,خطيبا مفوها,وقد وصفه الجاحظ في كتابه( البيان والتبيين) بقوة الحجة والمنطق,ويقول((وادل من كل شي استنطاق علي له)) كان يقوم بالخطابة بحضرة الامام,لصعصة كلام بليغ ينم عن معرفة تامة بجميع المهارات والصفات الإبداعية القيادية التي يمتلكها الامام علي بن ابيطالب(ع) ففي اول يوم من استلام الامام(ع)الخلافة,التفت الى الامام وقال)): زينت الخلافة وما زانتك ورفعتها وما رفعتك وهي اليك احوج منك اليها)) مااروعها من مفردات تخترق القلوب والمشاعر,المسؤولية والمنصب لايعطيان شرفا وقيمة للمتصدي في كل مواقع المسؤولية, وانما تاتي كل العناوين والمسميات,من شرف وقيمة ورفعة,ومساحة في القلوب,عندما تقترن الاقوال مع الافعال.يقول امرسون:((جمال الاعمال فوق جمال الاشكال فهو يبعث في النفس ارتياحا دونه الارتياح للصور والتماثيل وهو اجمل الفنون جميعا)) ويقول راسكين:((الفن الجميل هو العمل الذي يجتمع فيه الراس والقلب واليد معا)) وحري بنا ان نرجع الى نهج البلاغة,والى ادعية الامام علي (ع) لاسيما دعاء كميل لنقف بكل عظمة واجلال واحترام الى عملاق القادة الربانيين.عندما تجرأت الرذيلة متناسية مساحتها الضيقة لتعتدي على قمة الفضيلة في اشمل مساحتها الواسعة, عندما امتدت يد النذالة والدناءة والنقص,والتفسخ الخلقي,لكي تتجرا على غضب الرب وموازين الحق, أي يد قذرة تلك التي امتدت لتغتال علي (ع) في محرابه,وسقط الجسد الطاهر,طريح الفراش,فجاء الاصحاب ورفاق الدرب والمسير,لعيادة الامام(ع) وصعصة بن صوحان واحد من أولئك النفر ولكن الفرصة لم تواته,فطلب من الساعي بين حجرة الامام(ع) والناس ان يبلغ الامام عنه السلام,وان يبلغه هذه الكلمات القصار((يرحمك الله ياامير المؤمنين حيا وميتا,لقد كان الله في صدرك عظيما,وكنت بذات الله عليما)) فجاءه الجواب من الامام(ع)عن طريق الساعي,(وانت يرحمك الله,فلقد كنت خفيف المؤونة,كثير المعونة)وعندما دفن الامام ليلا,مع حضور عدد قليل من الخاصة,كان صعصة واحدا منهم,فوضع يدا على قلبه,ورفع بالاخرى حفنة من التراب اهالها على راسه قائلا: ((بابي انت وامي ياامير المؤمنين,وهنيئا لك ياابا الحسن لقد طاب مولدك وقوي صبرك,وعظم جهادك,وربحت تجارتك وقدمت على خالقك)) الى ان يقول:((فاسال الله ان يمن علينا باقتفائنا اثرك,والعمل بسيرتك,فقد نلت ما لم ينله احد,وادركت مالم يدركه احد)) ثم يقول:(( وهنيئا لك يا ابا الحسن,لقد شرف الله مقامك, لااحرمنا الله اجرك,ولا اضلنا بعدك,فو الله لقد كانت حياتك مفاتيح للخير,مغالق للشر,ولو ان الناس قبلوا منك لاكلوا من فوقهم ومن تحت ارجلهم,ولكنهم اثروا الدنيا على الاخرة)) ثم بكى بكاء شديدا وابكى من معه.بعد هذه المقدمة المتواضعة سنتواصل في الاسبوع القادم باذن الله

حسين جميل الركابي

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك