حميد سامي
لايختلف اثنان في إن الحوار الفكري يؤدي دائما إلى بناء الإنسان وتطهير النفوس في آن واحد، ومما لاشك فيه إن انعدام الحوار يولد دوماً فوضى عارمة ومجتمعات متخلفة تخشى باستمرار صوت الآخر ورأيه،وتنفر منه وتعاديه،وللحوار آداب يجب أن يتحلى فيها المحاور ومن تلك الآداب أن يكون للحوار غائية التعلم والاستفادة من بعضنا البعض ،والعمل على حل المشاكل المطروحة والمسائل المتعلقة بشكل جماعي سواء على الأساس التوافقي أو على أساس الاختلاف الذي يهدف إلى وضع التركيبة المتمثلة للأطراف المتحاورة وكذلك يفترض أن يكون هناك مبدأ الاحترام ،أي احترام وجهات النظر بعيداً عن التبجح والتطرف.ولا يخفى على ذوي الحقيقة من أن ثقافة الحوار ليست ظاهرة فطرية ،وإنما مكتسبة تبدأ من العائلة إلى المجتمع إلى مؤسسات الدولة .وما يحدث في العراق أصبح الحوار مرفوضاً أو مؤجلاً إلا في حالة رضوخ الطرف الأخر إلا ما يملي عليه وان لم يصغ إليه يبادر إلى إثارة الفتن وتسميم الأفكار ويثير البلبلة .ويتعدى على مشاعر الشعب وأماله وأخيرا يطلب منه زجراً إن يسكت ، وبذلك ينطفي الحوار .ويجب إن تعي أن مصطلح الدولة مختلف تماما وجوهريا عن مصطلح الحكومة ولذلك فان فصل الدين عن الحكومة ،أو عن النظام السياسي أو عن النشاط الحزبي لا يترتب عليه إلغاء الدين لدى الناس، وهذا ينبغي التفريق بين الحكومة والدولة كمفهومين غير متماثلين أو متطابقين ،فالدولة في كيان عام لشعب متعدد الأديان والطقوس تحت خارطة تسمى الوطن، في حين إن حكومة نظام سياسي معين هي جهاز للتسيير والإشراف على أشكال التنمية والقانون ، فالدولة لا تؤسس القوانين ، الذي يؤسسها الحكم السياسي بواسطة الأجهزة التي تمثل الشعب مثل البرلمان علما إن هذه القوانين تخضع دائما للتعديل وأحيانا للاابقاء ،واستبدالها بأخرى وحسب النظام السياسي الذي يكون في سدة الحكم .وهنا نتسائل: لماذا يغيب الحوار الفكري والعلمي حول مثل هذه القضايا لمعالجتها بهدوء دون اللجوء إلى الزجر، والتفكير وكيل التهم واستعمال آليات القمع بكل أنماطه ؟وما يجري من تجاذبات سياسية ولقاءات ودية بين قادة الكتل تبني على أسس تبادل وجهات النظر ؟وليست الديمقراطية هي تقبل الرأي ووجهات النظر وهذا الحوار بين ممثلي الشعب يجب إن يأخذ مساره الصحيح كي لاتتعرض الديمقراطية للنبذ والتراجع او التلاشي جراء خنق الحوار بين الأطراف أو تبني على أثارها الأزمة السياسية ويكون ضحيتها الشعب المغلوب على أمره ،وهكذا فان مصدر تفاهم المشكلات ينبع من غياب وانعدام تقاليد النقاش ولغة الحوار كمشروع حضاري ...
https://telegram.me/buratha