نور الحربي
عدم الوضوح يعود مجدداً للساحة السياسيّة بعد وقبل وأثناء زيارة السيّد رئيس الحكومة نوري المالكي والوفد الوزاري المرافق له إلى دولة الكويت، فالتصريحات التي انطلقت من هنا وهناك والتي لا هدف لها سوى تكريس حالة المعارضة لكلّ جهد يمكن أنّ يصب في مصلحة البلد، ومع اتساع رقعة الترحيب بالزيارة وتوقيتها رغم عدم إعلان النتائج بشكل صريح في معظم الملفات التي تم الخوض في تفاصيلها عدا ملفي شركة الخطوط الجوية العراقيّة وفتح ملف ترسيم الحدود أو صيانة العلامات الحدودية بين البلدين، الملفت إنّ اغلب الجهات السياسيّة شرعت في إضافة فقرة ولكنّ بعد الترحيب بالزيارة وهذه الـ (لكنّ)الطويلة عكست بشكل واضح لا لبس فيه حالة الانقسام التي يشهدها الشارع العراقي، فبين خطاب التسليم والاستسلام، والقوة الغاشمة، والتغني بتاريخ زائف بعيد عن واقعيّة الوضع الحالي، وعنتريات مرحلة صدام وانتصاراته الكاذبة ومواقفه الوطنية الممتدة في القدم المستقاة من أصالة بابل وعظمة نبوخذ نصر، وهذه التوصيفات الغبية التي يعتبرها معظم العراقيين منتهية الصلاحيّة بينما غاب الموقف الوطني الواضح الصريح الذي يضع الأمور في نصابها، والذي كان برنامج عمل وسياق ثابت في سياسة المجلس الأعلى الخارجية حتى قبيل تحوله إلى قوة سياسيّة رئيسيّة في العراق بعد العام 2003، إذ يُرحب المجلس الأعلى بأيّة بادرة تقوم بها الحكومة العراقيّة لحل المشاكل العالقة مع دول الجوار وخاصة مع الكويت، على أساس العلاقات المتوازنة والمصالح المشتركة وحسن الجوار واحترام القرارات الدوليّة، وهذا ما كان يعمل عليه شهيد المحراب آية الله العظمى السيد محمّد باقر الحكيم (قدس سره)، من خلال زياراته التي يقوم بها للكويت في شهر رمضان المبارك جرياً على عادته في ترميم علاقات العراق الوطن والشعب مع أشقاءه العرب ممن يفهم إن البلدين يرتبطان بجملة من الروابط القوية، كروابط الدم والدين والتاريخ المشترك والجوار، وهذه الروابط لا يمكن لأحد تغييرها أو التلاعب بها لأنها راسخة ومتأصلة بعيداً عن آية مزايدات أخرى أو عدائيات يُراد فرضها، وقد استطاع شهيد المحراب أنّ يفعل ما لم يفعله غيره في ظرف بالغ التعقيد، كان يرى فيه كل عراقي بمنظور آخر بالنسبة للكويتيين، ولا احد يستطيع لومهم في ذلك قياساً بما عايشوه من أحداث وتصرفات بربرية قادها ونفذها مجرمون لا يرعون عهداً ولا ذمة من أزلام البعث الصدامي المجرم، إنّ ما قام به شهيد المحراب(قدس سره)، من جهود كبيرة لرأب الصدع بين الشعبين الشقيقين باعتبارهما تعرضا لظلم النظام ولعدوانيته واستبداده وجبروته، وهو جهدا تكلل باقتناع حكومة و شعب الكويت بأن الشعب العراقي بريء من أفعال وحماقات النظام المقبورووحشيته، التي لم يكن لها مثيل بحق الشعبين العراقي والكويتي كما ان هذا الشعب الذي ثار ووقف بوجه صدام ونظامه بريء مما لحق بالكويت وهذا ليس تبريراً بقدر ما هو حقيقة قائمة يعرفها الكثيرون من أبناء الشعبين الشقيقين، إنّ نظرة السيّد الحكيم ومؤسسات تيار شهيد المحراب وقياداته مع الخطوات المدروسة التي تصب في تطوير علاقة البلدين لتحقيق المصالح المشتركة للشعبين، كما ان هذه المواقف والخطوات لابُدَّ أنّ تسهم في إيجاد حلول فعليّة للمشاكل الموروثة عن حماقات وطيش نظام صدام، إنّ زيارة المالكي لدولة الكويت خطوة من خطوات يجب أنّ تتخذ بشكل متصاعد وباتجاهها الصحيح لتحل كلّ المشاكل ضمن سقوف زمنية ينبغي التخطيط لها بين حكومتي البلدين ووضعها حيز التنفيذ والتطبيق ليتم الانتقال إلى مراحل متقدمة من التعاون الذي يفضي إلى الثقة التي فقدت لأسباب معروفة، لذلك لابُدَّ لجميع الأطراف السياسيّة العراقية الآن أنّ تعمل وبشكل متعاضد في بلورة موقف موحد يحول هذه التطور في علاقة العراق بمحيطيه العربي والإقليمي، لينتهي بإخراج العراق من طائلة البند السابع ونظام الوصاية المجتزئ إلى مرحلة الاستقلال الكامل والتام في الموقف والقرار.
https://telegram.me/buratha