حميد سامي
لكلّ شيء في الحياة ثوابت معيّنة يستند إليها وضوابط تحكم مساراته وترسم له خارطة للطريق الذي يوصل ذلك الشيء إلى الأهداف التي وجد من اجلها، وبخلاف ذلك يصبح حالة من الفوضى وكما هو الحال الذي نعيشه في عراق اليوم، وتسمى عادة هذه الثوابت والضوابط بالأخلاقيات وعلى قدر سموها ورفعتها يُشار إلى ذلك العمل ويذكر كحالة متميزة والعكس هو الصحيح.ولعلّ العمل السياسي هو أحد الجوانب المهمة في حياتنا المعاصرة، خاصة وإنّ كل شيء صار عندنا مرتبط بالسياسة وعلى قدر ما يحمله هذا التوجه من أخطاء فادحة، لأنه سيُسهم حتماً في حذف بعض الأمور المهمة من جوانب حياتية أخرى كثيرة لا ترتبط بالسياسة من قريب أو من بعيد، وان كانت محكومة بسياسة معينة ولكنها ليست سياسة السياسيين الذين يشعرك تخبطهم بأنهم طارئون عليها وبعيدون عن أبسط معانيها ومفاهيمها. لقد سوق السياسيون في العراق ومن معظم الكيانات لديمقراطية مُزيفة لم نلمس منها إلا الفضائيات والموبايلات والتي صارت في مجتمعنا معاول تدمر وتهدم أخلاقيات الشباب وهي اعتي من المخدرات وأشد خطورة منها ضرراً واضحاً بالبناء الاجتماعي للعائلة وتدمير بنيتها الاقتصادية وذلك معروف للجميع، ولا ننكر إنّ الانتخابات هي إحدى الثمرات المهمة التي يمكن جلبها من الديمقراطية ولكنا نتساءل أين هي الانتخابات وأين هي نتائجها واستحقاقاتها؟وإذا كانت الديمقراطية قد أصبحت جزء من حلة الفوضى القادمة، لأننا نعيش الآن فوضى الديمقراطية ولم نتحسس بعد معانيها الحقيقية لا في الممارسة التي شوهتها وسائل التزوير المعروفة، ولا من حيث نتائجها التي غلبت عليها المصالح الشخصيّة.إنّ السياسيين إذا أرادوا أن يكونوا قادة حقيقيين عليهم أن يتحلوا بأخلاق الفرسان في التعامل مع كرسي المسؤولية الذي وجده البعض اكبر منه فطاف فيه والقلة القليلة لا يرون في كرسي المسؤولية إلاّ عبداً يجب أن ينهضوا به ويعطوه استحقاقه، ليحققوا احترام شعبهم، ولكنّ البعض ومن منطلق النظرة الضيقة وحالة الإحباط التي يعيشونها، أخذوا يلجئون إلى أسلوب تصفية الخصوم السياسيين بكل الوسائل، سواء بشراء الذمم أو الاعتقال أو القتل، وهذا النهج ينسف أية قاعدة لأي عمل سياسي ويعصف بأخلاقياته ليصبح جزء من حالة الفوضى التي يتحملون مسؤولياتها أمام الله وأنفسهم والشعب، لان ما يحصل الآن من عمليات اغتيال وتصفية, ولكونه يستهدف عناصر وطنية، فان ذلك يدل على إفلاسهم السياسي وافتقارهم للحد الأدنى من أخلاقيات العمل السياسي وهم ليسوا إلاّ جزءاً من حالة الفوضى القائمة.
https://telegram.me/buratha