( بقلم : فكري محظور )
عبد الرحمن بن ملجم المرادي شخص دخل التاريخ من باب قاده فورا الى مزبلة التاريخ التي تزخر بامثاله على مر العصور. هذا المجرم لم يكن ابدا شخصا عاديا , ولم يقدم على جريمته النكراء بقتل أمير المؤمنين علي بن ابي طالب , نتيجة قرار متهور , او نزوة عابرة , انه كان يعرف ما يريد , ويرسم الخطط والسيناريوهات لتنفيذ هذه الجريمة , ولم يكن الامام علي غافلا عما يخطط له هذا الشقي , ولكنه( عليه السلام) سلك سلوكا مثاليا يندر ان يماثله سلوك الى يوم الدين. وهو سلوك يحتاج الى ان ندرسه بعمق وتمعن ورويه لدلالاته العظيمة , وربما اسعدنا الحظ يوما لنقوم بذلك , وسلوك بن ملجم هو الاخر سلوك يحتاج ان نقف عنده طويلا , ليس لأنه سلوك مثالي هو الآخر , ولكنه سلوك عجيب , ويتكرر يوميا وخصوصا في أيامنا هذه , لو كانت الأحزمة الناسفة موجودة في زمن ابن ملجم لما تردد ساعة في لبسها وتفجير نفسه في مسجد الكوفة ليقتل اكبر عدد من اتباع علي (ع) , ورب سائل يسأل : من اين لك هذا الجزم بأنه سوف يفعل ذلك , ؟ والجواب بسيط , وهو ان بن ملجم حصل على فتوى تأريخية من شيوخه ومن (أهل العلم) في زمنه كما يطلق عليهم البعض, تفيد بأن عليا بن ابي طالب كفر ولا يجوز الاقتداء به حتى يعلن توبته وندمه على ما حدث من ملابسات التحكيم الشهيرة , والتي يحاول( اهل العلم ) اليوم حث الشباب المسلم على عدم فتح صفحات التاريخ لكي لا يعلموا شيئا عن هذه الملابسات , وهذه الفتوى لم تكن تشمل أمير المؤمنين عليا وحده , بل كانت تشمل كل من لا يعتقد بصواب هذه الفتوى, ويرى ان عليا (ع ) هو إمام هدى , كما حصل للصحابي الجليل عبد الله بن خباب حينما ألقى عليه القبض بعض الخوارج وسألوه عن رأيه في علي بن ابي طالب , ولما أجابهم بما لا تهوى انفسهم بقروا بطن امرأته الحامل , وأدنوه من الفرات وذبحوه واكرر( ذبحوه) كما يذبح اليوم المئات من أتباع أهل البيت , هذا ما أخبرنا عنه التأريخ , وهو ليس كذبا اخترعه الشيعة لتشويه سمعة السلف الصالح , وبالتالي لو توفر حزام ناسف تبرع به اخ موحد من شاكلة بن ملجم , وتبرع به( للتقي الورع) بن ملجم لما تردد لحظة في تفجيره في مسجد الكوفة الكبير ساعة يؤمهم الامام علي , لأن المسجد سوف يضم حينها الكثير من الكافرين ممن هم على شاكلة علي , أمثال ابنيه الحسن والحسين , وعبد الله بن عباس , والأحنف بن قيس , وقيس بن سعد بن عبادة ,وعبد الله بن جعفرالطيار, وكميل بن زياد , وميثم التمار, وغيرهم الكثير , ممن يعتبر صيدا ثمينا وفتحا مبينا تقر به أعين المجاهدين , لو تم ذلك . نموذج ابن ملجم هذا , والذي حصل على تكريم وتنويه بارزين من قائد ألمعي من قادة الخوارج , وتابعي من التابعين , روى عنه البخاري في صحيحه , وهو من رجال البخاري . وأقصد به عمران بن حطان بن ظبيان . احفظوا هذا الاسم جيدا .ولنقرأ ما يقول عمران بحق بن ملجم , ولنقف على رأيه في العملية التي نفذها ولنرى كم يوجد من أمثال هذه الاراء اليوم , تبرر قتل الشيعة وتترحم على قاتليهم , وتدعو لهم بالنصر والظفر وبالمغفرة ونيل رضوان الله تعالى! قال عمران في ابن ملجم :يا ضربة من تقي ما أراد بها إلا ليبلغ من ذي العرش رضواناإني لأذكره يوما فأحسبه أوفى البرية عند الله ميزاناوبالطبع لم يكن ابن ملجم صحابيا ولا كان اكثر الناس عبادة ولا كان افقه اهل زمانه , وإنما اعتبره عمران أوفى البرية عند الله ميزانا بقتله عليا بن ابي طالب كما هو واضح ولا يحتاج الى تعب ولا كد خاطر. أعود فأقول: نموذج بن ملجم هذا تناسل تكاثر وانشطر وتناسخ كما يفعل الفيروس والبكتيريا واصبح داءا يلف العالم الاسلامي من أقصاه الى أقصاه , ويصيب المسلمين اينما كانوا, وينتشر في الاماكن المزدحمة في المساجد والجوامع والجامعات والمدارس والنوادي الثقافية والمؤسسات الجتماعية المختلفة .ويضرب الاسلام بداء لا دواء له والعياذ بالله , وليت علماء النفس والسلوك وعلماء الاجتماع البارزين يدرسون هذه الظاهرة بجد وعلمية وتجرد قبل ان يقضي على الامة الاسلامية , لأن زمن العولمة , وتقنية المعلومات وسيطرة القطب الواحد , عودتنا على نماذج من أمثال هذه الحروب التي تشن على الامم بلا سلاح ولا إطلاق نار ولا هم يحزنون . ولكن بسياسات خبيثة وعميقة الغور تستهدف الناس الغافلين والعاجزين ,والذين لا يستحقون الحياة حسب المفهوم الامريكي . وما انتشار الايدز في البلدان الفقيرة وخصوصا أفريقيا , والاوبئة والمجاعات والحروب الداخلية والفتن وسياسات الاحتواء المزدوج , إلا أمثلة بسيطة لما يخطط لنا ونحن غافلون نتراشق بالفتاوى التكفيرية , ويذبح بعضنا بعضا , ويكفر بعضنا بعضا , وكل ذلك تطبيقا للمثل القائل ( نارهم تاكل حطبهم ) . أيها السادة لقد ابتلع الكثير من المسلمين الطعم, وأصيب الكثيرون بفايروس بن ملجم الخطير سريع الانتشار والانشطار . وتورط الكثير في هذه اللعبة الجهنمية القذرة. وها نحن نجد أنفسنا كل يوم أمام مفكر جهبذ عبقري من عباقرة هذا الزمان الاغبر, شيخا أو دكتورا أو ذا نورين, اي دكتورا شيخا , أو شيخا دكتورا ( والتقديم والتأخير هنا ضروري ومهم) .يطل علينا بذقنه من فضائية مستقلة, أو فضائية تتبنى الرأي والرأي الآخر, أو فضائية لا تريد إلا رضى الله تعالى عليها,أو صحيفة بيضاء ناصعة من غير سوء, ويتحفنا بسيل من تحليلاته وفتاويه , بضرورة القضاء على الشيعة الصفويين المجوس الحاقدين على الاسلام وسحق ومحق دولة المجوس إيران البلاء الذي عم المسلمين , وتخليص كوكب الارض منهم , لأنهم هم العدو الوحيد والخطر الاكيد الذي يهدد الأنسانية والرفاهية والتقدم .ولا أحد يسأل نفسه منهم . لماذا هذا الكم الهائل من الحقد والكراهية والعنف يعشعش في ضمائر تدعي انها هضمت وفهمت واستوعبت الاسلام , ولماذا صدئت هذه القلوب وهي كل يوم او يومين تختم ختمة مباركة مرتلة من القرءان الكريم , اين يكمن الخطأ ؟ أفتونا مأجورينورحم الله الجواهري إذ قال:قالو قد انتصر الطبيب على العظيم من الامورِزرع الجماجم والقلوب وشد أقفاص الصدورِفأجبتهم: ومتى سترفع راية النصر الاخيرِزرع الضمائر في النفوس العاريات من الضميرِودمتم سالمين
(فكري محظور)
https://telegram.me/buratha