سجاد الحكيم
لماذا يكتب بعض الناس يومياتهم, أو ما تسمى بالمذكرات؟ هذه التساؤلات قد تتنوع ألأجابة عنها كل وفق رؤيته الشخصية وثقافته ومنهجه في الحياة.فهناك من يعتبرها شيء مهم في حياته أنطلاقا من الرغبة في التوثيق وتسجيل حركة التأريخ .وهناك من يتخذ منها وسيلة لقضاء الفراغ وحب للكتابة ليس الا.وهناك من يريد أن يسيطر بما يتوفر له من أمكانية على مجرى ألأمور كي لاينسى.وهناك آخرين ليس لديهم جوابا عن سبب كتابته لليوميات.وهكذا كثير من ألآراء ووجهات النظر. ولايخفى أن لكتابة المذكرات جوانب سلبية وأخرى أيجابية.فأذا ما اعتبرناها نمطا من كتابة أو (أدب الأعتراف)فهناك الكثير ممن يخجل في أعادة الكتابة عن حياته عبر مذكراته ,معتبرا ذلك كشفا عن أسراره وخصوصياته سيما لو كان قد كتب بصدق .بينما قد نجد من جانب آخر أن هناك من يفتخر بومضات من تأريخه الذي قد يعتبره محط تباهي لأنه قد عمل شيئا يستحق ألأستذكار.فيكتبه.وقد يبالغ في ذكر بعض الوقائع والأحداث بما يعبر عن انحيازه وحبه لذاتي ولمجده الشخصي.اننا لو اطلعنا على هذا النوع من الكتابة نجد أن الغالب الأعم منهم هم من الطبقات ذات المستويات المترفة في المجتمع .كأن يكون احد افراد الحكومة أو ذو منصب مرموق أو مكانة رفيعة(أرستقراطي)أو بعض من افراد الطبقة المثقفة (الوسطى).أن من جرب كتابة يومياته فأنه قد يجد متعة في التعامل مع ألأشياء ومفردات الحياة اليومية بغض النظر عن تفاهات بعضها وجديات الأخرى.وتتيح له قسطا من الحرية التي قد يفتقدها وهو في غمرة عمله أو أنشغاله بتأمين متطلبات المعيشة وما أكثرها. بأعتبارها أي (اليوميات) متنفس عن زحمة الدنيا وتشابك أسبابها ومحطة أستراحة وأستجمام فكري ونفسي.وقد يصل أهتمام البعض ممن يسجلون اليوميات في أن يحمل معه دفتر ملاحظات صغيرمثل دفتر (السكيجات) للرسام.أن كتابة المذكرات هي شبيهة جدا بكتابة السيرة (البوغرافية) فهما ظاهرتان متصلتان أوثق الأتصال بالتعرف على الهياكل الأجتماعية للفرد وهو يعيش في مجتمع ما.وهما أيضا طريقتان للتعرف على حياة الفرد وأعادة شريط سيرته والتي قد لايعلم بها أحد بسبب عدم البوح بها من قبل كاتب المذكرات .فكم يكتشف الناس أفرادا كانوا أمامهم بصورة مخفية عن الصورة التي كان يعيشها.فقد يكون كاتب المذكرات قد اخفى آلاما وأوجاعا وصبرا عظيما لم يصرح به الا في كتابته.وهنا تكتشف عظمة أنسان أو سرا كبيرا يسرق الأعجاب بعد كفاح وصبر وجلد ومكابدة. وثمة وجهات نظر مختلفة حول طبيعة (كتابة المذكرات) وحول التوثيق الشخصي لبعض الناس .فهناك من يعتبرها شيئا تأريخيا كمصدر يوسع من رؤيتنا لبعض حقائق التأريخ.وهناك من يعتبر كتابة المذكرات توثيقا للحالات الأجتماعية .أما من وجهة النظر الفنية والأدبية فينظر كاتب المذكرات بأنها قيمة فنية وأدبية قد تصلح لرواية أو قصة .أن فن كتابة المذكرات يسير بشكل متواز مع التطورات الفكرية والثقافية للأنسان.ففي العراق مثلا نجد ان الفرد عاش تقلبات حياتية ومتغيرات مثيرة جدا.من حروب وحصارات وضرورات الدفاع عن الحياة .وذلك بالتأكيد يوجد نوعا ادبيا خاصا في الكتابةالا وهي كتابة المذكرات أو التوثيق اليومي للأحداث.وقد شهدت الساحة الثقافية العراقية أسماء كتاب من هذا النوع .وكذلك نبهت سنوات الحروب والمعارك والأحتلالات والحصارات للعراقيين الى أمور كثيرة خاصة المثقفين منهم.لقد كشفت تلك الظروف ولازالت تكشف عن حاجات دعت اليها ضروراتها الحضارية بما يقتضيه العصر .ومنها كتابة تأريخنا الشخصي والذي بتجميعه نكون قد كتبنا تأريخنا العام ومن خلال أعادة انتاج ما تحويه الذاكرة.ذلك لأننا نفتقد الى ذلك النوع من فن الكتابة وأن وجد فهو قليل قياسا الى نتاجات الشعوب وألأمم ألأخرى.وأن (أدب الأعتراف) ومنه (أدب المذكرات)لم يشكل ظاهرة في أي من مراحل تأريخ الأدب العربي ,ولذلك لم يتخذ شكلا معينا.أننا نرى ورغم تراكمات الحياة ,وشكوى الغالب الأعم من عدم توفر الوقت للكتابة وحجج أخرى,نرى أن من الضروري أن يمارس المثقف الكتابة ولا يكتفي بالقراءات العابرة.ولو حتى بصيغة كتابة المذكرات الشخصية حتى ان لم تتوفر الشروط الفنية.لأن ممارسة الكتابة الى جانب القراءة تعطي للفرد قابلية أوسع في توخي الدقة في التعبير نطقا وكتابة عندما يكتب المدرس موضوعه أو الطالب درسه أو العالم بحثه .
https://telegram.me/buratha