هلال بدر
الحرية مسألة نسبية تختلف من بلد إلى آخر؛ والحرية تمنح لمن يفهمها ويعرف قدرها وقيمتها وكيف يتصرف في أجوائها وإلى إي حد أو حدود ومَنْ يضع هذه الحدود والمساحات, وبالتالي فإن "للحرية حدود"!!
في بلاد الغرب ونخص بالذكر منها البلدان السكندنافية فإن هذه البلدان فيها للحرية إحترام وحدود؛ فلا يستطيع أي فرد فيها - إلا إذا كان مجنوناً - أن يمشي في الشارع العام عار عن الملابس!! ولا يستطيع أن يدخل مطعماً يأكل ويشرب ولم يدفع الحساب للكاشير ويقول له "حرية"!
في يوم ما وفي إحدى ساحات كرة القدم في إحدى البلدان الأوروبية نزل رجل وسط الساحة وخلع ملابسه وبدأ يركض في الساحة عرضا وطولا! والشرطة وراءه!! حتى ألقي القبض عليه و"شبع قنادر"!!
وأغرب ما في تصريح السيد علي الدباغ (الناطق الرسمي باسم الحكومة)!! أن هذه الظاهرة هي "حرية شخصية" وعادة إجتماعية يجب إحترامها!!... بربكم هو هذا كلام معقول ومقبول؟؟ إن عدم وجود قوانين تمنع هكذا تصرفات لا يعطي الحق للسيد الدباغ ولا لحكومته! أن يسمح بها ويسكت عنها.. بل معالجتها بأساليب حضارية إنسانية بعيدا عن العنف والظلم والإهانة.. لأن هؤلاء أولادنا وعلينا تصحيح أفكارهم ومسيرة حياتهم بشيء من الحزم الأبوي!!
هذه الحرية الشخصية ليست في مجال الكتابة والأدب ولا في ساحة من ساحات الخطابة والكلام ولا هي في مجال الفن والمسرح ولا هي في السينما والإخراج مثلا!! إنما هي ظاهرة غريبة على مجتمعنا ولا حاجة لنا بها وقد تكون مرض معدي يسري على أطفالنا وشبابنا الذي تكون له الرغبة والميل إلى مثل هذه التصرفات للفراغ وعدم الاهتمام به, والبطالة والجلوس في المقاهي أمام شاشات التلفاز وما تعرضه من مشاهد شاذة يحاول هذا النفر من الصبيان والشباب تقليد ما يشاهده ويعبر عنها بهذا المظهر وتلك التصرفات التي لم تكن يوما ما من عاداتنا وتقاليدنا و "العادات الاجتماعية" التي لم يوضح لنا "الدباغ" متى كانت من عاداتنا وتقاليدنا!!؟
إن هذه "الظاهرة" تتحمل مسؤوليتها الحكومة وأجهزتها المختصة والتي من واجبها رعاية الشباب وتهيئة النوادي وأماكن الترفيه والرياضة والتوجيه الممنهج ويكونوا تحت إشرافهم ورعايتهم بدل أن يكونوا ضحايا الشذوذ والضياع ومن ثم ظلم المنظمات الدينية التي لم تهتم بهم وبتربيتهم ولم تعالج مشاكلهم بالتعاون مع الحكومة ومنظماتها الرسمية.. ويقال "قبل أن تقطع يد السارق عليك معرفة سبب السرقة ومعالجتها".
إن في البلد فوضى! ومن هذه الفوضى؛ فوضى الإعلام وبعثرته وانتماءه ونفاقه وإرتزاقه! وبسبب "الأسبقية"! جعلوا من تصرف بعض الصبية والذين وصفوا بـ "الأيمو" أو مصاصي الدماء أو عبدت الشيطان أو رواد المقابر!! كل تلك النعوت تناولتها الصحف الرخيصة والقنوات الخبيثة! والأفواه النتنة! ليضيفوا إلى معاناة الناس ومشاكلهم هموم إضافية, ثم يختمها "الدباغ" ويصفها بأنها "عادة اجتماعية" و "حرية شخصية"!!؟ يعني "جاء ليكحلها؛ فعماها"!!.. لا.. إنها ليست عادة اجتماعية ولا حرية شخصية, إنما هو عبث صبية ضائعين تتحمل الحكومة و"ناطقها الرسمي" تبعتها وعليهم معالجتها على أنها "حالة" شاذة ضارة وليس "عادة اجتماعية" ولا "حرية شخصية" وندعو السيد "الدباغ" أن يراجع أفكاره ومعتقداته وعاداتنا وحريتنا ثم يبرر هذه "الظاهرة"
ربما نتوقع من السيد الناطق الرسمي إدعاءه بأن ترجمة تصريحاته كان خاطئة أو مقصود أو كان هناك خطأ مطبعي!!؟
https://telegram.me/buratha