بقلم/ مصطفى سليم
أسباب انتشار الفساد لا يعود الى غياب الأمن كما يدعي أعضاء الحكومة العراقية بل السبب هو عدم وجود الضمير الوطني الحي لبناء العراق من قبل المسئولين وغياب القوانين التشريعية الصارمة ضد كل متهم بقضية فساد إداري ومالي مهما كان منصبه الحكومي،وانتماءه الحزبي. إن ما يشهده العراق من ظواهر غريبة وأزمات سياسية واقتصادية واجتماعية تتباين في أشكالها وأحجامها ولعل من أهم تلك الظواهر تأثيراً بعد الإرهاب هي ظاهرة الفساد وبكل أنواعه "الإداري والمالي والسياسي والقضائي......الخ" .إن ظاهرة الفساد في مؤسسات الدولة وعلى كافة مستوياتها وأنواعها، برزت بشكل واضح في عام 1980 حيث بددت موارد البلاد وإمكانياتها الاقتصادية والبشرية في حروب عبثية لا طائل منها قام بها النظام السابق المقبور إضافة الى حشد وتكريس جميع الإمكانيات والموارد المالية والاقتصادية والبنى التحتية للدولة والمؤسسات الصناعية والإنتاجية لدعم المجهود الحربي وشراء الأسلحة وتجهيز القوات العسكرية وإبرام العقود السرية في الأسواق السوداء وما رافقها من فساد وهدر للمال العام..غير ان مستوى الفساد منذ بداية هذه الفترة الى سنة 1990 وصدور القرارات بمحاصرة العراق اقتصاديا احتفظ مستوى الفساد الإداري والمالي للموظف العام أو الوظيفة العامة في العراق بمستوى مساوٍ لمستواه الشائع في دول العالم الثالث والدول المجاورة للعراق ، غير إن هذا الواقع قد تغير وبشكل كبير بعد 1990 وأصبحت ظاهرة الفساد الإداري تبرز بشكل ملفت للنظر ويعزى سبب ذلك الى ضعف مدخولات الفرد والموظف العراقي وانخفاض قيمة الدينار العراقي إمام العملات الأخرى وتدهور اقتصاد البلد وانخفاض دخل الفرد العراقي بسبب انخفاض قيمة الدينار حتى أصبح راتب الموظف الشهري يعادل ثلاثة دولارات تقريبا كما ان الفرد العراقي قد استهلك جميع المدخرات التي يدخرها في سبيل سد احتياجاته المعيشية..وقد تفاؤل الجميع خيرا بعد عام 2003 وكانت جميع التوقعات تشير الى ان هذه الظاهرة سوف تنحسر تدريجيا ومن ثم تتلاشى وتنتهي غير ان الذي حدث هو ان هذه الظاهرة أصبحت آفة لا مثيل لها في تاريخ الدولة العراقية و فاقت في مستوياتها جميع الدول المجاورة بل حتى الدول الفقيرة والمتخلفة..بلغ الفساد الإداري والمالي في العراق مستويات عالية جدا لم تشهدها من قبل, حيث جاء العراق الثالث في تسلسل الدول الأكثر فسادا في العالم بعد الصومال ومنمار حسب تقرير أصدرته منظمة الشفافية الدولية ،لكن الكارثة ان الفساد الإداري والمالي في العراق لا يتعلق بان تسرق أو تأخذ الرشاوى لتصبح غنيا بل ان الفساد الإداري والمعاملات غير النزيهة أضحت من وسائل العيش في العراق , فشأت أم أبيت جميع العقود والمعاملات الرسمية الحكومية في العراق هي غير نزيهة , فهذا يدفع الرشوة ليتعين وذاك يدفع الرشوة من اجل ترخيص فتح محل تجاري وآخرون يدفعون الرشاوى لتسهيل معاملاتهم في دوائر الدولة , حيث بات من المستحيل ان تكتمل معاملة إي مواطن , إذ ان اغلب وسائل الحياة باتت غير شرعية في العراق ليتستر عليهم إفراد ينتمون الى نفس الكيان السياسي ولاسيما ممن تعاقب على رئاسة الحكومة العراقية،ولدت تلك الظاهرة آفة خطيرة وهي الفارق الطبقي بين أبناء الوطن الواحد،والتي ستشكل عبئا جديدا يضاف الى قائمة إخفاقات الحكومة وسوء إدارتها لثروات البلد وتبديدها وبعيدا عن الشعور بالمسئولية التي يجب ان تتحملها....
https://telegram.me/buratha