حافظ آل بشارة
عندما استمعت الى كلمات صديقي المجاهد البدري عطية سنوح وهو يصارع المنية وقد أخذ الورم الكلوي انحاء جسده ، اصبحت حاقدا على خطابات الوزراء والنواب وتجار الشعارات ، كل ما يقوله رجال الحكومة حول خططهم لبناء البلد مجرد اكاذيب ، لا يمكن لبلد ان يتطور وفيه كل هذا الفساد ، الفساد العراقي يتمتع بعناصر قوة وهيمنة تجعل مجرد تصور القضاء عليه مستحيلا ، اولا تحول الفساد الى ثقافة شعبية ، الفاسد محترم ، في المجالس والملتقيات الرسمية والشعبية عندما يأتي الفاسدون يتدافع الناس ليسلموا عليهم ويعبروا لهم عن الحب والاعجاب ، نحن امة ذات تأريخ فاسد منذ الامويين والعباسيين وحتى هذه اللحظة ، ولكن لم نمر بمثل هذه الهيمنة الهائلة للفساد والفاسدين على الحياة السياسية والادارية وما يرافقها من ابادة تستهدف الشرفاء واهل النزاهة ورموز التضحية والعطاء ، ثانيا الفساد عندنا محمي بقوة المناصب وقوة القانون ، ومحمي بالتهديدات والكواتم والعصابات الجوالة التي تلتقط كل من فتح ملف فساد او اعلن رغبته في فتحه ، الفساد الحالي هزمت أمامه جميع الدوائر التي حاولت محاربته ، كان شعارهم (مكافحة الفساد) فاصبح واقعهم (مكافحة النزاهة) ، هيئة النزاهة ، لجنة النزاهة النيابية ، الرقابة المالية ، دائرة المفتشين العامين ، هذه العناوين الكبيرة تتهاوى امام طنطل الفساد ، ملفات الفساد الراهنة تضم اسماء نواب منتخبين ووزراء وغيرهم ، نائب يشتري عمارات في بيروت ، ونائب يتزوج مومسا شهيرة ويطلقها ثم يدفع لها مئات الالاف من الدولارات لاسكاتها فتأخذ المبلغ من موازنة العراق العظيم ثم تفضح الرجل على وسائل الاعلام ! لصوص العراق من النوع الذي لا يملأ فمه الا التراب فهو لا يكتفي بالمليار او المليارين ، اصغر الفاسدين الوطنيين عمرا قد تجاوز الاربعين ويمكن ان يعيش ثلاثين سنة اخرى في احسن الاحتمالات لكنه يجمع اموالا تكفيه وتكفي عشيرته ثلاثمئة سنة ، اقترح حملة تثقيفية لاقناع الفاسدين بالاكتفاء بمقدار معقول من المال عسى ان يبقى لهذا الشعب العظيم شيء من موائدهم ، تذكرت الفاسدين وانا اتامل مصير المجاهد عطية سنوح الملقب (ابو فردوس) وهو من مجاهدي فيلق بدر القدامى حملة السلاح وعشاق الشهادة ، يرقد في مدينة الطب ليواجه الموت البطيء لانه بحاجة الى عملية استئصال وزرع كلية ، وقد طلبوا منه عشرين مليون دينار فاستنفر اهله وعشيرته وباع كل شيء ليجمع مبلغ 17 مليون وبقيت الملايين الثلاثة الاخيرة تشكل تحديا لحياته ، ثلاثة ملايين يمكن ان تنقذ مجاهدا قضى اجمل ايام شبابه في مقارعة النظام السابق ، مبلغ تافه لا يكفي لوليمة في منزل موظف ، مبلغ لا يكفي مصرف جيب ليوم واحد لابن وزير يتجول في باريس على حساب الحكومة ، مجاهد بدري يموت بمرضه لان العراق العظيم غير قادر على تهيئة مبلغ 3 ملايين دينار لعلاجه ، عطية سنوح يخاف ان يقول انه من مجاهدي فيلق بدر ، عطية سنوح يعاقب لانه كان يقاتل نظام صدام ولو رآه صدام نفسه على هذه الحال لوهبه المبلغ وانقذ حياته ... عندما تجتمع اللصوصية وفقدان الغيرة في شخص فهي الكارثة الحقيقية لجميع اللصوص وللوطن المسروق .
https://telegram.me/buratha