احمد ماضي الفريجي
نحو ثلاثون عاما مضت على تأسيس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي عاصر خلالها اكثر الاوضاع السياسية توترا في المنطقة، اذ شهدت هذه السنوات وفرة بالتغيرات والازمات والحروب والعقوبات. وخلال تلك الفترة التي سبقت سقوط النظام استطاع المجلس الاعلى متمثلا بقيادته الحكيمة ان يثبت للجميع حنكته في التعامل مع الاحداث رغم ان تفاصيل وارهاصات تأسيسه لم تكن تسير بالشكل الاعتيادي السلس، بسبب الظروف الدراماتيكية التي رافقت عملية التأسيس والعاملين الزماني والمكاني، ومدى المقبولية المتوقعة لتيار معارض لسلطة البعث القوية المدعومة بشدة من قبل المنظومة العربية( القومية)، في ظل هذه الظروف وتحت وطأة اعلام البعث المندفع بقوة تجاه تيارات المعارضة القليلة النادرة ابان تلك الفترة يكون من الصعب جدا نجاح واستمرارية وبقاء تيار معارض تأسس في دولة تشن ضدها حرب ويقف على رأسه علماء يرتدون عمامة سوداء (تاج رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم) تلك التي كانت في تلك الفترة تعد سبة بنظر ازلام البعث ومريديه، وليس هذا فقط فقد استطاع المجلس الاعلى بجناحيه السياسي والعسكري ان يضع نفسه من بين اكثر قوى المعارضة انضباطا والتزاما بأخلاقيات الثورة ضد الطغيان والظلم والتسلط ولم تسجل عليه خلال فترة طويلة من العمل السياسي البحت اوالميداني التعبوي والذي غالبا ما تتخلله بعض الاخطاء اية هفوة او سلبية تذكر برغم وجود الماكنة الاعلامية الصدامية الاشد قسوة على كل من يفكر ان يعارض النظام. ان الاستقرار في البناء الحزبي والفكري والتعبوي لتيار شهيد المحراب لم يتأتى من فراغ فقد دأب السيد محمد باقر الحكيم منذ انطلاقة المجلس الاعلى الاولى على وضع اسس رصينة مبنية على مبان شرعية استقاها من فيض تراث اجداده العظام آل البيت الاطهار( عليهم السلام) ومن سيرهم العطرة وأطرها باطر السياسة الحديثة المبتنية على احترام الراي والراي الاخر وثقافة بناء افضل العلاقات مع المحيطين الاقليمي والعربي فضلا عن تضمينه اخلاق الفرسان التي تخلق بها ابناء هذا الخط المبارك انطلاقا من السيد الحكيم نفسه وانتهاء بالمجاهدين في اعماق الاهوار الذين قرعوا النظام البائد بشرف ونزاهة دون ان يلحقوا ببلدهم العار او الضرر. هذه الصور المشرفة في تاريخ المجلس الاعلى التي صاغ بقية صفحاتها المشرقة عزيز العراق( قدس) وكان له الدور الابرز في رسم سياسة ممنهجة استطاع من خلال جهوده ان يضع المجلس الاعلى وبدر في المقدمة بحيث اكتسحت اصواتهم الانتخابات البرلمانية الاولى التي شهدتها البلاد وكان له الاثر البالغ في رسم الخارطة السياسية الجديدة للبلد دون ان يطلب من وراء ذلك منصبا او جاها او مالا. ان قيادة السيد الحكيم لهذا التيار بجميع اجنحته وضعته دائما في المقدمة فهو في مقدمة الاحزاب الوطنية بشهادة العدو قبل الصديق وهو في مقدمة الكتل التي تدخل دوما في اطار الحل ولم تكن يوما ما جزءا من مشكلة، بل على العكس فالمضحي والمتنازل والمنحني لاخيه دائما هو ابن المجلس وابن بدر، ذلك انه تربى على هذه الميزة استنشق نسمة الايثار ونكران الذات واتباع من هم اهل لان يتبعوا. وفي ظل الاوضاع السياسية الحالية يرى مراقبون ان المجلس الاعلى وبدر ككتلة واحدة اقوى منه منفصلا اذ ان الرمزية العالية التي يتمتع بها هذا الخط والغطاء الشرعي المتمثل بالمرجعية لا يمكن تعويضه باي حال من الاحوال في حال فقدان هذين الاساسين الموغلين بالعلمية والورع وحب الناس ، وما زيارة السيد عمار الحكيم الى الموصل ومن قبلها الاعظمية واستقباله بهذه الحفاوة منقطعة النظير الا دليل على ان الناس تنظر الى هذا الخط والى رموزه بأنهم ملك جميع العراقيين فهم آباء لكل العراقيين ورؤية السيد عمار الحكيم شاخصا وسط ابناء الموصل الحدباء تشير بما لايقبل الشك ان آل الحكيم هم مشروع وطني يحملون اعباء المسؤولية ويحملون هموم المواطن على حد سواء فلا تمرقوا عليهم فتهلكون.
https://telegram.me/buratha