حميد سامي
في غمرات الموت ووسط لجج الدماء وتحت أسنة الحراب وقف سيد الشهداء الأمام الحسين(عليه السلام) يخاطب الناس وهو يقول : يا شيعة آل أبي سفيان أن لم يكن لكم دين وكنتم لا تخافون المعاد كونوا عرباً كونوا أحراراً في دنياكم .وربما فات الناس الذين احتشدوا لحربه وجردوا سيوفهم لقتاله أن يدركوا ما في هذه العبارات من معان غزيرة فلم يتدبروها ولم يعوا ما فيها ومرت على آذانهم من غير أن تلامس شغاف القلوب وتبين ما كان يجب أن تثيره من تساؤلات بشأن الموقف الذي هم بصدده أو عليه وهم يزحفون نحو مخيم بيت آل النبي (صلى الله عليه واله) لقد دعاهم أبا عبد الله أن يرجعوا إلى أحسابهم أي إلى فطرتهم التي فطرهم الله عليها دعاهم إلى الرجوع إلى أخلاقهم العربية وما فيها من إغاثة الملهوف ونصرة الضعيف وحماية العرض وصيانة الشرف ففي ذلك عتقهم مما هم فيه من عبودية ذليلة للحاكم الجائر ، والنجاة من النار التي أعدت للمجرمين ولكن الناس الذين استحوذ عليهم1 الشيطان لم يجيبوه إلى شيء دعاهم إليه ولم تجد كلماته منقذاً إلى قلوبهم الصم ،فاستحلوا الدم الطهور وباءوا بغضب من الله ولعنته إلى يوم الدين.أما انتم أيها السياسيون يا من بأيديكم عقد الأمور وحلها فلا يفوتنكم أن ترجعوا إلى أحسابكم إلى عراقيتكم، عليكم أن تقروا دائماً بأنكم عراقيون وانه ما من شيء في النهاية غير العراق وأهل العراق وتاريخ العراق ومستقبلكم الذي ينتظر منكم أن تحسنوا صنعه وان تبذلوا ما تستطيعون من اجل أن يغدوا جميلاً بهياً .لقد مر من الزمن ما يكفي قاتل فيه الأخ أخاه وارتاب الجار فيه من جاره فجرت دماء كثيرة وكان يجب أن لا تجري وفينا ما ليس في غيرنا من القيم والأخلاق التي تقدس الأخوة وتعلي من مقام الجيرة .غير أنكم ما لبثم بعيدين عن صوت العراق لم تعيروه أسماعكم فتفهموا ماذا يقول لكم هذا القلب الجريح بسهام الاحبه وحراب الأبناء ومازال في خطاباتكم ما يفسد الود ويباعد بين العظم والجلد فتعالوا إلى حيث تذوب كل الأشياء وتمحي كل المعالم وتنتهي كل الدعاوي إلا تلكم التي تستحضر فيكم عراقيتكم ووطنيتكم وتعمق فيكم الشعور والإحساس بحدود المواطنة الحقة. تعالوا إلى حيث تصرخ فيكم ضمائركم وتهتف فيكم أرواحكم أن هناك ليس غير العراق فلا تجرحوه بألسنتكم ولا تقتلوه بأيديكم .فقد كفاه ما حملتموه من الأذى وما أثقلتم على كاهله من هموم ومتاعب وصراعات وخلافات لم يجني منها شيئاً غير المزيد من الألم .فلينسى الشيعي انه شيعي ولينسى السني انه سني وليغادر العربي عروبته وليترك الكردي كرديته وليذوب الجميع في بودقة العراق وليدرك كل واحد منا انه ما من شيء قبل العراق ولاشيء بعده وليس بعد العراق إلا الطوفان وعندما تحل اللعنة على الجميع فقوا أنفسكم واهليكم وشعبكم شر الطوفان وتعالوا إلى حيث تشرق الشمس من جديد فيعم السلام ويعم الخير تحت راية العراق
https://telegram.me/buratha