نور الحربي
شكل تحالف القوى الشيعية والكردستانية أبان حكم البعث المقبور تحولا كبيرا في عمل المعارضة العراقية قبل عقود من الزمن ولعل هذا التحالف الذي استمر بشكل رئيسي وفاعل بين الحزبيين الكرديين الأكثر نفوذا وشعبية في كردستان العراق (الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني ) من جهة والمجلس الأعلى الإسلامي الأقوى سطوة وفاعلية في مواجهة نظام صدام عبر رموزه وقياداته ألسياسيه وجناحه المسلح فيلق بدر آنذاك من جهة ثانية ولعل اطمئنان الجانبين لعقد مثل هذا التحالف تعود لاطمئنان الكرد بصدقية الوعود التي قطعها المجلسيون والبدريون ممثلين بقيادتهم السياسية الشرعية وعلى رأسها شهيد المحراب قدس سره الشريف في الدفاع عن كردستان ومواجهة قوات نظام صدام في حال توغلها في بعض مناطقهم التي خرجت من قبضة النظام فعليا وكانت مسرحا لعشرات العمليات ضد زبانيته كما ان أصل هذا التحالف ينبع من ثقة أكيدة بان علماء الدين الشيعة الذي لم يداهنوا الحكام ولم يسوقوا الفتاوى لقتلهم كما فعل آخرون من وعاظ السلاطين رغم أنهم ينتمون لطائفة واحدة في مراحل متعددة من تاريخ العراق الحديث قد يكون هذا التحالف مبنيا على تحقيق المصلحة وتبادلها بين الطرفين رغم تشكيك البعض بأن استمراره مرتبط بمدى ما يقدم من تنازلات شيعية في دعم المشروع الكردي أي انه تحالف الضعيف مع القوي والكرد أقوى من المجلس الأعلى وحزب الدعوة منفردين وهذا تفسير ساذج لان التحالف اكتسب بعدا أكثر واقعية بعد عقود من استمرار الشراكة والعمل الموحد في أطار العراق الجديد الذي اتفق الطرفان على انه اتحادي وهذا قدر الكرد العراقيين في وطن أغلبيته من العرب كما هو قدر شيعة العراق في ان يكونوا بنظر العرب خطا احمر ضمن المنظومة العربية وهكذا ينظر لهم على الأقل أذن فهو تحالف البقاء والمصير المشترك والعمل الجاد على طمأنة المحيطين الإقليمي والعربي من ان استمرار هذا التحالف وبهذا الشكل المعتدل سيسمح بأن يتحول العراق الجديد بتركيبته السياسية الحالية لأمر واقع ولولا وجود مثل هذا التحالف القوي والبناء فأن الأمور ستتعقد ونعود الى نقطة الصفر مع الأخذ بنظر الاعتبار ان المكونات الأخرى والأطياف السياسية جميعا موضع احترام لأننا نعيش في بلد متعدد التوجهات والتحالفات فيه أمر وارد بل ضروري لتحقيق مصلحة اكبر عدد ممكن من ممثلي الشعب فمن لا يملك الوجود الشعبي و الجماهيري الفاعل لن يكون في موضع القادر على عقد تحالف بهذه القوة مهما سعى وحاول والآن القراءة تنطلق في عقد التحالفات من حجمك الطبيعي في شارعك الذي منحك ثقته .. ان التحالف التاريخي الذي نتحدث عنه لم يكن تحالفا عابرا فوشائجه وروابطه باتت أقوى من ذي قبل لان دماء العراقيين عربا وأكرادا وتركمانيين من الشيعة والسنة وحتى المكونات الأخرى امتزجت بتراب كردستان ودافعت عن مظلومية العراقيين هناك في وقت حاولت زمر النفاق ان تنأى بنفسها عن هذا المعترك متحججة بعدم شرعية هذا التحالف او عدم قدرته على تحقيق شيء يمكن ان يخلص العراق او يبنيه من جديد لكنه استمر وامتد به الزمان حتى يومنا هذا لسبب بسيط لأنه تحالف الدماء وليس الشراكة السياسية فقط !!
https://telegram.me/buratha