نعيم كرم الله الحسان
في قسم الاحكام الخاصة وفي ابو غريب في اواخر عام 1979 وبداية عام 1980 والذي لااعرف متى على وجه التحديد انجز بناء هذا السجن العتيد لكنني اعرف جيداً مسالكه وممرلته وزنزاناته حيث امضيت ما يقارب الاثني عشر عاماً فيه بعدما استقر بي الحال عبر سلسلة من مديريات الامن وزنزاناتها وروائح عفن الاجساد المنتشرة فيها .حال دخولك الى قسم الاحكام الخاصة وعبر سلسلة من السيطرات يواجهك الممر الذي يشبه نفق شق في داخل جبل ويقع على الجانب الايسر منه الاقسام المغلقة الخاصة بالمخابرات بينما يقع على الجانب الايمن منه الاقسام الخاصة بالامن .في الاقسام المغلقة الخاصة بالمخابرات تختص هذه بالشخصيات السياسية الكبيرة من الانظمة السابقة والوزراء البعثيون المنشقون والسفراء والتابعين لهم في قضايا تهمهم حيث عذب ومات فيها مرتضى سعيد عبد الباقي وزير الخارجية العراقي في بداية انقلاب البعث وعبد الخالق السامرائي ومجاميع وسفراء من حركة محمد عايش وجماعته .اما الاقسام الخاصة بالامن فهي تسمى (القافات مثل ق1 , ق2 , المحجر , واقسام اخرى) ويعني رمز (ق) القسم المغلق الذي لا يرى الشمس ولا يتصل بالعالم الخارجي اطلاقاً حيث لا زيارات ولا اي شيء اخر وتختص هذه الاقسام بالسجناء المتهمين بالانتماء لحزب الدعوة الاسلامية وطلاب الشهيد محمد باقر الصدر (رضوان الله عليه) وعائلة آل الحكيم المجاهدة .وفي ليلة من ليالي تشرين عام 1980 دخل مجاميع من الرجال الاشداء يرتدون الزيتوني والاحذية الطويلة الحمراء تظهر على وجوههم اعراض القسوة وانعدام الضمير يتوسطهم رجل يرتدي نظارات سوداء ويوحي مظهره بأنه من اصحاب القرار وقف قائد هذه المجاميع في وسط القسم وقال بأختصار: (سنوزع عليكم اوراق مطبوعة وفيها فراغ تكتبون فيه ارغب التطوع في قادسية صدام ) ووزعت الاوراق وصار هناك جدل فالبعض قال (لن نكتب والبعض قال كتبنا او لم نكتب فالنتيجة واحدة) المهم حسمت القضية واخذت الاوراق من قبلهم .وعادوا في فجر احد الايام الخريفية الباردة وقرأوا قائمة بأسماء 200 سجين واخرجوهم الى الممر وقيدت ايديهم الى الوراء وعصبت اعينهم وسيقوا من قبل تلك المجاميع الى جهة مجهولة واستمرت الحالة من الشهر العاشر عام 1980 الى الشهر الثاني عام 1981 حتى بلغ ما ارسل في هذه الوجبات اكثر من 1200 سجين كانوا محكومين باحكام مؤبدة واحكام اخرى من قبل محكمة الثورة سيئة الصيت كنا نحن لا نعرف الى اين يأخذون اخواننا ولا نعرف من سيكون في الوجبة القادمة هو الضحية لكن كان هناك شخص اخر يدخل علينا يسمى (المراقب) مهمته توزيع الطعام على الزنزانات ويدعى هذا الشخص (عرب اليزيدي) وهو من الطائفة اليزيدية محكوم بتهمة التجسس .يدخل صامتاً ويخرج صامتاً حاولنا بشتى الطرق ان نعرف منه الى اي جهة اقتيدوا هولاء الشهداء المضلومون فكان لا يجيب بأي كلمة والحقيقة ان (عرب اليزيدي ) رجل مسالم وكان متعاطف معنا بعض الشيء لكننا تسربت لنا اخبار لا اجزم بأنها وثائق ولكنها اخبار مفادها ان هولاء الاخوة الذين قضوا نحبهم كانوا قد اجريت عليهم تجارب الاسلحة الكيمياوية والبايلوجية في باكورة البرنامج العراقي لهذه الاسلحة انذاك وقسم اخر فتحوا بهم حقول الالغام هذه واحدة من جرائم النظام الدكتاتوري البعثي التي حدثت وانا احد الذين شهدوها اين كانت حقوق الانسان بالنسبة الى الذين يزورون المجرمين الان في السجون بحجة الدفاع عن حقوق الانسان رغم جرائمهم .
https://telegram.me/buratha