حافظ آل بشارة
ليس حدثا فريدا ان يعقد مؤتمر القمة العربية في بغداد ، القمم العربية متواصلة منذ قمة (انشاص) سنة 1946 وحتى قمة (سيرت) في ليبيا سنة 2010 ، مؤتمرات القمة من ابرز انشطة الجامعة العربية التي هي ناد او جمعية للحكام العرب لا اكثر ولا اقل ، كانت اهداف مؤتمرات القمة توحيد جهود الحكام لخدمة مصالحهم ومصالح القوى العالمية التي تقف وراءهم ، واعتدنا ان نراهم يحضرون القمة وكل منهم له اجندته التي يدافع عنها ، فهناك حكام يحضرون لتاكيد هيمنتهم على الدول الاضعف ، وآخرون يحضرون لاعلان ولاءهم للاقوى مقابل أجور ، وصنف آخر من الحكام يحضرون للاستجداء من دول النفط ، ومنهم يحضرون كسماسرة ويمارسون ضغوطا على الكبار والصغار ، القمم العربية تحتاج دائما الى موضوع محوري لتبرير انعقادها ، وكان النصيب الاكبر للقضية الفلسطينية ، والحروب الكبرى مع اسرائيل ، اغلب الحكام العرب مارسوا لعبة الوجهين فهم يتواصلون مع اسرائيل سرا ويستخدمون شعارات العداء لها علنا لتسويق انفسهم ، وكانت هناك قضايا عربية حظيت باهتمام القمم مثل الحرب الاهلية في لبنان ، مشكلة الصحراء الغربية بين الجزائر والمغرب ، معارك معمر القذافي مع الرؤساء العرب ، زيارة الرئيس المصري الاسبق انور السادات الى اسرائيل ومؤتمر كامب ديفد ، انتقال مقر الجامعة العربية الى تونس ، مشكلة العراق والكويت ، مشكلة اليمن الشمالي مع اليمن الجنوبي قبل التوحيد ، مشكلة السودان مع جنوبها الذي انفصل لاحقا ، قضية ايران والجزر الخليجية الثلاث ، الحرب العراقية الايرانية ، وغيرها من الملفات ، القمة لا تحل مشكلة لسبب بسيط هو ان الحكام العرب ليسوا اصحاب قرار في الشؤون التي تخص توازنات الدول الكبرى في المنطقة ، فعندما تتقاسم المنظومة السوفيتية والمنظومة الامريكية ولاء المنطقة لم يعد ممكنا تصور وجود حاكم مستقل . لكن قمة بغداد التي تعقد في آذار الجاري لها مبرراتها المختلفة وملفاتها الفريدة ، متغيرات عميقة طرأت على الزمان والمكان ، هناك عالم عربي مختلف ، الاقبال العربي على قمة بغداد المرتقبة كبير والاسباب واضحة ، خمسة انظمة حكم عربية جديدة في مصر وليبيا وتونس واليمن والعراق وكل منها يريد ان يثبت للعالم بأنه يستحق ان يكون بديلا لمن سبقه ، تقابلها دول اصبحت مدرجة على قائمة التغيير وتريد ان تثبت بحضورها انها صامدة وانها جزء من الحل وليس جزء من المشكلة ، دول الخليج تريد ان تفتح صفحة جديدة مع بغداد بغضا للنفوذ الايراني ، وتحريكا للملف السوري ، اما الدول المستجدية فحضورها ثابت لان جميع تلك المؤتمرات تصلح للاستجداء . مكسب بغداد من هذه القمة هو الظهور بجبهة داخلية موحدة والايحاء باستعادة الدور العربي للعراق . اقترح ان تكمل بغداد مبادرتها بتنظيم معرض على هامش المؤتمر لصور ضحايا الأرهاب ومعها جوازات سفر وبطاقات هوية الارهابيين العرب ثم التأكيد للاشقاء ان هذه الجرائم لم تعد مسجلة ضد مجهول .
https://telegram.me/buratha