المقالات

لنحيا نحن ويموت الوطن

1688 06:02:00 2007-02-05

( بقلم : حسين ابو سعود )

جمعني واياه شارع ثم مقهى وفنجان قهوة وذكريات وآلام واشواق واحزان ، لقد تحادثنا كثيرا في الوطن وهموم الوطن فقال لي : ماذا افعل بوطن رفسني عندما كنت ابكي على بابه والقمني لسعات البرد في المنافي ، ماذا افعل بوطن ركل فيّ الطفل البرئ واخرج من بطنه الحيات والعقارب واودعني السجون الرهيبة ، واطلق عليّ البراغيث والصراصر والعناكب ، ماذا افعل بوطن مزق دفاتري ونثر ذكرياتي في الفضاء ، مزقني ومزق جسمي وطارت الغربان باحرف اسمي ، لم نموت ويحيا الوطن ، لنحيا نحن ويموت الوطن،وظل يرسل الكلام كالشعر حزينا فقلت له رويدك ايها المتعب ، لا تندفع كثيرا ، فاي القولين عندك افضل ، كلامك ام ما قاله الشاعر : بلادي وان جارت عليّ عزيزة ، اهلي وان شحوا عليّ كرام ؟

فشهق شهقة اهتز لها سائر جسده واختنق بالعبرات وجرت دموعه سخينة من عينيه وصار يبكي بكاء الفاقدين، وقال : بل هذا الكلام افضل ، ولكن ماذا افعل ففي داخلي روح غريبة ونفسي نفس كئيبة ، وسنين العمر امام عيني تتناقص ورهبة الموت تتراقص ، وقدغرست قلبي ينبوعا على جانب الدرب ليغسل المارون فيه احزانهم، ثم ماذا افعل انه اليأٍس الكبير ، الياس من الناس والاحزاب و السياسيين والمليشيات والدول المجاورة وغير المجاورة ، قلت نعم يئست من هؤلاء ولكن هل يئست من الله ايضا ؟فقال : ولاييأس من روح الله الا القوم الكافرون .

فقلت له : لقد اخبرني قادمون من البقاع الحزينة ان هناك صبحا جميلا ينتظرنا خلف اسوار المدينة ، تتراقص حوله الفراشات واسراب من القطا ، وذلك الصبح الجميل يحمل في صدره الرحب الوانا من الاماني والوعود والهلاهل والزغاريد ، يتربع ذلك الصبح القريب على بساط اخضر تحمله اكف الاطفال ، فتعال نغني بصوت عال لذلك الصبح الجميل وبكل اللغات وننزع المخاوف والقلق من قلوبنا التي فقدت البريق والالق ، وننثر في دربه باقات من النرجس البري ، وانا مثلك حتى الامس فقد كنت اظن ان الحزن سرمدي حتى رايت الفرح وكنت اظن ان الليل لا نهاية له حتى بدد الصبح بتباشيره ظنوني ، فاي شئ يفصل بين الشتاء والربيع غير الامل الضاحك .

صحيح باننا قد تجاوزنا الخمسين وراحت زهرة الشباب الى غير رجعة ولكن الوطن سيقبلنا لو عدنا اليه على علاتنا بشيخوختنا وضعفنا وذبولنا ، سنرقص مع الفجر كثيرا وقبل ان تتبدد الالوان من رمال الصحراء ، ألا تستمع للضوضاء يتسرب مع الصبح من شقوق ابواب المنافي ويوقظ العصافير ؟ ، ألا تنظر الى رحابة الفضاء التي ستاخذنا على بساط واسع بهيج وتوصلنا بين غناء وبكاء الى دجلة والفرات والى المسكوف والشناشيل والبلم العشاري والى المراقد والاضرحة ، والى الكبّة الموصلية ولبن اربيل.

وعندما ان سمع صاحبي بالكبة واللبن نظر اليّ نظرة اعادتني الى احضان امي لكثرة ما فيها من حنان ، فبكينا معا وضحكنا معا وشر البلية ما يضحك وخيرها ما يبكي ، ثم سألته : ما تقول الان يا أخا العرب ؟ فقال صادحا : ميحانة ميحانة ، غابت شمسنا الحلو ما جانة ، حيك حيك بابا حيك ، الف رحمة لبيك ، هذوله العذبوني ، هذولة المرمروني وعلى جسر المسيب سيبوني .

وسالته مرة اخرى :من يموت اذن ويدفن في العراء بلا غسل ولا كفن؟ فقال : بل نموت نحن ويحيا الوطننموت نحن يوميا من اجل ان تعود الاشراقة الى وجه العراق.

ومازال الامل يحدوني في اختفاء مظاهر الاقتتال ويحمل كل منا وردة حمراء او بيضاء بدلا من البندقية ونطلقه شعارا موحدا:لنوقف هدم الوطن من اجل الاطفال . وتعال يا صاحبي ننزوي في زاوية دافئة ونقرأ معا رسالة وصلت للتو من العراق ، فقد تحمل اخبارا سارة .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك