حميد الموسوي
هذا الكم الهائل من المصطلحات والشعارات، التي حملتها رياح التغيير. وبثتها فسحة الحرية، حتى صارت تتزاحم بتنافس شديد متصدرة مانشرته الصحف والمجلات والنشرات والإصدارات، واللافتات والجدران والجداريات واليافطات. وتنحشر مضافة مع عناوين الأحزاب والحركات والمنظمات والتجمعات وتبث عبر ميكرفونات الإذاعات وصحون الفضائيات وكأنها رد فعل أو ثورة بركان أو فيضان مكبوت يريد محو ما تراكم من ثقافة: "الكونة، وتاج المعارك، ويوم الأيام، والشارة والنوط والوسام/ لتحل محلها: الديمقراطية، الحرية، العدالة، المساواة، الإنسانية، التوافقية، الشفافية وحقوق الإنسان وحقوق القوميات، وقبول الآخر حتى وان تخللتها مفردات نشاز مثل التغيب والتهميش والتكفير والتفخيخ! وهي ظاهرة صحية وطبيعية شريطة الا تتحول هذه الشعارات المحببة إلى مجرد وسيلة لتحقيق غايات ومصالح أنانية أو سياط لجلد بعضنا البعض الآخر، فبعض الحقائق التي نستحي الجهر بها!! بحجم لايستهان به من الدعاية الاعلانية وتتحكم بطرح الشعارات وتسويقها على انها ثوابت راسخة وجوازم قاطعة من مكونات هذه الجهة أو تلك الفئة أو من خصوصيات هذا المفكر وذاك المبدع، مع ان بعض هذه المدعيات عبارة عن تسويق بضاعة أو ركوب موجة، يريد مقترفها تحويل الديمقراطية الموعودة والمؤملة إلى حقيقة مطلقة من يمتلك ناصيتها، فقد امتلك الحق في استعباد الآخرين. ومصادرة حقوقهم بل شطبهم ومسخهم! لأن في اعتقاد هذا البعض أن الديمقراطية هي شكل من اشكال دكتاتورية الأكثرية أو دكتاتورية المسنود، أو المدمج بالإرهاب! كما أن من بعض المثقفين من مغتنمي الفرص، ومستغلي الغفلات، ومنتهزي اللحظات من لاشأن لهم بمستقبل بلد، ومصير شعب، يجدون في الديمقراطية مزيداً من البخس لأدوار نظرائهم والحط من قدرهم، وتذويب أهميتهم وقيمتهم، والتعكز على المهاترات والسجالات والإدانات ورمي التهم جزافاً وتوزيع الشتائم وتصعيد المواقف عوضاً عن الحوار الهادف البناء المسؤول بدلاً من ولوج مشهد المتغيرات الذي يشهده العراق بهذا التسارع، بكل انفتاح وسعة أفق ورحابة صدر بقي ان نقول: انّ الحرية نعمة بل من أعظم النعم وأفضلها على الإطلاق ولاتحصل نعمة إلا بفقد أخرى، وقد فقدنا وتنازلنا عن كثير من النعم قرباناً على مذبح هذه الحرية، كما ان النعم "إذا ذهبت لاتعود" فاحسنوا معاشرتها وأكرموا مصاحبتها واجعلوها اساساً لبناء مجتمع وميداناً لتفجير الطاقات وتفتح الابداع ومدرسة لإعداد أجيال وأجيال وضمانة ضد الإنحراف والفساد.
https://telegram.me/buratha