عادل الجبوري
اعادت سلسلة الاعتداءات التي طالت بعض وكلاء ومعتمدي ومكاتب المرجع الديني اية الله العظمى السيد على السيستاني في عدة مدن عراقية الى الاذهان الاحداث التي شهدها مناطق في الفرات الاوسط وجنوب العراق في عام 2007 والتي كان محركها الرئيسي اتباع رجل الدين محمد الصرخي الحسني. والملفت في الاحداث الاخيرة انها جاءت مفاجئة ومن دون مقدمات وخلفيات واضحة، الامر الذي جعل الكثيرون يؤكدون ان هناك اجندات مبيتة اريد من ورائها الاساءة للمرجعية الدينية التي تحظى بأحترام وتقدير غالبية العراقيين، حتى من غير اتباع مذهب اهل البيت عليهم السلام، ومن غير المسلمين، وكذلك اريد من ورائها احداث فتنة بين اتباع المذهب الواحد وخلط الاوراق من جديد بعد ان استتبب الهدوء خلال العامين او الثلاثة اعوام الماضية. وقد تعددت الروايات لحقيقة ما حصل وخلفياته، وبينما نفت المرجعية الدينية عبر مكتب المرجع السيستاني في النجف الاشرف أي دور لوكلاء المرجعية ومعتمديها في استهداف مكاتب الصرخي، واستنكرت أعمال العنف التي شهدتها بعض المحافظات، وطالب الأجهزة الأمنية بضبط الأمن ومنع الاعتداءات من أي جهة كانت، وجه مكتب الصرخي الحسني اصابع الاتهام لمرجعية السيد السيستاني بأحراق احد المكاتب التابعة للحسني في قضاء الرفاعي التابع لمحافظة ذي قار جنوب العراق، ومن هذه النقطة انطلقت حملة تشهير واساءة للسيد السيستاني بدت وكأنها مقصودة ومخطط لها مسبقا. ومن بين اكثر الروايات مصداقية وواقعية وقبولا تلك التي نقلها احد ابناء مدينة الرفاعي، حيث كان شاهد عيان على جانب من مقدمات وخلفيات "الازمة" ، اذ يقول الرجل الستيني محمد الرفاعي " كنت واقفا قريبا من الشارع العام، فجاء بعض الشباب وسألوا عن البيت القديم الذي يقع مقابل منزل عائلة الشيخ الواسطي رحمه الله-وكيل المرجع السيد السيستاني- فسالناهم من انتم؟ , فقالوا نحن نرغب بفتح مكتب شرعي لعقود الزواج والطلاق من اجل تسهيل هذه القضايا، وقد استحسنا الفكرة حينما أخبرني صاحب البيت الذي طلبوا استئجاره منه ولكنه قال كيف يمكن ان يستخدموه وهو بيت قديم متهالك قلت له لعله ينفعهم لفترة من الزمن" ويواصل الرفاعي كلامه قائلا " وجاءت مجموعة أقسم بالله لا اعرف فردا واحدا منها وكان الفضول يدفعني لمعرفة تطورات مكتب الزواج والطلاق وكانت جماعة اخرى قد تبعتها وبعدها اخرى فعرفت بعضهم وسألهم احد ابناء المنطقه فعلم انهم من قضاء قلعة سكر التابع لمحافظة العمارة واخرين من قضاء الشامية التابعة لمحافظة الديوانية فدخلت الريبة في قلوب اهل الرفاعي وكان وجودهم في وقت عزاء الشيخ الواسطي الذي وافته المنيه مؤخرا، والمدينه تقيم مجلس الفاتحة لشيخها الكبير والحزن يخيم على الجميع.. تفاجأ مئات الناس المجتمعين في مجلس العزاء قرب بيت الشيخ الفقيد بلافته ضوئيه كبيرة رفعت فوق البيت القديم كتب عليها مكتب ولي أمر المسلمين محمود الصرخي، واخذ بعض الاشخاص الذين قاموا بتثبيت اللافتة ومعهم اخرين بالصلوات والتهليل والتكبير والتصفيق والفرح بافتتاح هذا المكتب وهم يتطلعون الى تلك الجموع الغفيره التي تذرف الدموع حزنا على الفقيد". ويضيف محمد الرفاعي "فتقدمت منهم جماعه واقتربت انا منهم على مسافة لارى كيف تحول مكتب الزواج والطلاق الى مكتب ما يسمى ولي امر المسلمين، وقالوا لهم ان هذا التصرف غير مقبول بالنسبة لاهالي الرفاعي لعدة أسباب منها سوء الادب في توقيت افتتاح المكتب مع مجلس عزاء شيخ الرفاعي الراحل وأمام بيته, وثانيا، لا يوجد اي شخص من المحتفلين من اهل الرفاعي، فكان جوابهم عبارة عن الفاظ نابية تفوه بها البعض منهم وهم يقولون اتينا لفتح المكتب رغما عنكم , فضجت الناس واخذ اللغط يزداد فتدخلت الشرطه التي كانت متواجده في فض النزاع . وفي اليوم التالي توجه مالك البيت وطالبهم باخلاء منزله القديم وانه لايسمح لهم بالبقاء فيه كون بيته قديم ويريد هدمه فتجاوزوا عليه وادعوا أنهم يعملون بفتوى ولي امر المسلمين فجلب بعض شيوخ العشائر وعرض عليهم عشرة ملايين دينار مقابل إخلائهم البيت وتكلم معهم وجهاء الرفاعي قائلين ان مدينتهم مسالمه ولا مكان للغرباء فيها ومن أراد فتح مكاتب فليفتحها في مدينته، فردوهم بصلافة كما نقل الوجهاء...وكثر توافد الغرباء على المنطقه بصورة غريبه حتى اصبح الامر حديث الاهالي وتوخت الناس حذرها منهم، وانطلقت مظاهرة من ابناء العشائر المختلفه من ضمنها قبيلة صاحب البيت الذي توجهوا نحو بيتهم المغتصب وقاموا بالدخول اليه واخراج مافيه من اثاث وغيرها بهدوء ووضعها خارج المنزل. وبعد يوم واحد فقط جاءت اعداد كبيرة من الاشخاص من خارج قضاء الرفاعي وذي قار وهم يريدون اعلان المنابزه مع اهالي الرفاعي ويعلنون تحديهم في المنطقه، وقد تدخلت الحكومه لحمايتهم من اهالي الرفاعي الغاضبين وامرتهم قوات الطوارئ بالخروج من المدينة حتى لايحصل ما لايحمد عقباه، فلم ينفع معهم ذلك مما دفع قوات الشرطه والطوارئ والجيش الى اعتقالهم واقتيادهم لمركز شرطه القضاء وبعد التحقيق معهم ومعرفة محال، تم تهيئة وسائل نقل اقلتهم الى مناطقهم التي جاءوا منها. وبشأن احراق ذلك المكتب نقلت مصادر موثوقة ان افرادا من اتباع الصرخي قاموا بهذا العمل حينما جاءت قوات الشرطة والجيش لاعتقالهم وشعروا انه لم يعد بأمكانهم المقاومة. وتجدر الاشارة الى ان جماعة الصرخي الحسني شاركوا في انتخابات مجالس المحافظات في عام 2007 في قائمة مستقلة ولم يحصلوا سوى على مقعدين في محافظة الديوانية التي تعد معقلهم الرئيسي، ولم يفلحوا في الحصول على اي مقعد في الانتخابات البرلمانية التي جرت في اذار-مارس 2010. وكانت بداية عام 2007 قد شهدت اضطرابات في مدينة النجف وتحديدا في منطقة الزركة سببتها جماعات ما يسمى بحركة "جند السماء" التابعة للصرخي الحسني، وكشفت الاحداث في حينها عن الدعم الذي كانت تتلقاه الحركة من جهات مخابراتية خارجية قيل ان السعودية والامارات العربية المتحدة ابرزها الى جانب جهات عراقية مثل ما يسمى بهيئة علماء المسلمين بزعامة حارث الضاري، ومؤخرا اشارت مصادر استخباراتية الى ان المخابرات السعودية متورطة بأختلاق الازمة الاخيرة ودفع بعض الجماعات للاعتداء على وكلاء المرجع السيستاني ومكاتبه. والغريب انه بعد تلك الاحداث بوقت قصير جدا اعلنت الرياض انها ستسمي قريبا سفيرا لها في العراق بعد قطيعة امتدت لاكثر من عشرين عاما ، اي منذ غزو نظام صدام للكويت صيف عام 1990، في خطوة بدت مفاجئة ارتباطا بمواقف القيادة السعودية السلبية حيال مجمل الوضع السياسي في العراق بعد التاسع من نيسان-ابريل 2003. والملفت في الامر ان جهات دينية وسياسية عديدة التزمت الصمت ولم تنبس ببنت شفه، مما يعزز التصورات القائلة بأمكانية واحتمال ضلوعها وتورطها بصورة مباشرة او غير مباشرة بأحداث 2007 وكذلك الاحداث الاخيرة.
https://telegram.me/buratha