المقالات

أبراهيم الموسوي يعانق عثمان العبيدي

2255 04:42:00 2007-02-05

( بقلم : مهند حبيب السماوي )

هنالك الكثير من المواقف الأنطولوجية التي يجد الأنسان نفسه متسمراً أمام جدارها واقفاً وجهاً لوجه تجاه مضموناتها والتي عليه _ في لحظات ربما قليلة حرجة_ أن يقرر مايجب عليه أن يفعله ويتخذه في هذا الموقف من قرار سلبي أو أيجابي, نكوصي تقهقري أو تقدمي أندفاعي تكون له نتائج وعواقب ربما تكون مباشرة آنية او غير آجلة مباشرة وعلى كافة المستويات المتنوعة والأبعاد المختلفة .

يقول الفيلسوف الدنماركي سورين كيركجارد أن هنالك ثلاث قرارات كبيرة يتخذها الأنسان في حياته وتكون لهه نتائج متباينة الأهمية والدلالة وهي: الزواج والصداقة والرسالة , ويرى كيرجارد أن الرسالة متمثلة ومتجسدة بالموقف الايديولوجي الذي يتخذه الأنسان في حياته, هي أعظم وأسمى وأفضل وأرقى هذه المواقف الثلاثة أذ ربما يتوقف على الرسالة التي يقوم بها مستقبل مئات بل الاف الناس الاخرين.

والموقف الذي أتخذه اليوم الشهيد أبراهيم الموسوي في مدينة الحرية والذي اوقف تفجير سيارة يقودها أنتحاري مهووس مما أدى الى استشهاده وأنقاذ عشرات المواطنين العراقيين الأبرياء الذين كانوا يحيون ذكرى استشهاد الأمام الحسين عليه السلام ... هذا الموقف قد أعاد الي صورة وموقف الشهيد عثمان العبيدي في منطقة الاعظمية الذي أنقذ في حادثة جسر الائمة المأساوي عشرات من الغرقى حيث دفعته غيرته وأخلاقه ومبادئه والنظام الاكسيولوجي( القيمي) الذي يحكمه.... الى ان يقف موقف يتطلب منه أنقاذ العشرات منهم ليجد نفسه في أخر الاوضاع مرهق الجسد متعب القوى بحيث لم تستطع يده الكريمه ان تنقذه نفسه ليهوى الشهيد الرائع الى أعماق دجلة حيث انتقلت روحه الطاهرة الى بارئها حيث هنالك مقرها ومبدأها ومآبها.

وفعلا فقد انقذ كلا الشهيدين ارواح العديد من الاشخاص وقدما نفسيهما قرباناً على محراب حب الوطن....وبالرغم من عدم التماثل التام والتطابق الكامل بين قصة استشهاد الموسوي الشيعي!!! والعبيدي السني!!! (وفقاً للتصنيفات اللاوطنية ), الا أن دلالاتها الانسانية ومعانيها الثرة ومغزاها العظيم قد تماثلت بشكل متكامل وتطابقت الى حد بعيد يفوق الوصف وينأى عن الكتابة والتنظير ....

هذا التماثل في الدلالة والتماهي في الموقف قد تجسد وتمثل في أن كلا البطلين قد ضحى بنفسه من اجل الاخرين وأتخذ من مبدأ الأيثار معياراً لفعله وموقفه بدلاً من مبدأ الأثرة التي ربما يقود أغلبنا _أن لم نقل جميعنا_ في مسيرة حياته ومجرياتها المختلفة ومطباتها المتنوعة ...

كان الشهيد ابراهيم الموسوي يعلم _ لانه أمر بديهي _ انه سوف يموت حينما سيمنع سيارة الارهابي المجرم من الدخول في موكب اهالي مدينته الذين كانوا يمارسون شعائرهم الخاصة بعاشوراء...الا انه منع السيارة والانتحاري واختار هذا الموقف الرجولي الشجاع وآثر السمو والارتفاع على ذاته وألأتجاه نحو الاخرين بحيث فضًل فيه الأستشهاد ومغادرة الحياة على ان يحيى لوحده ويموت ابناء شعبه وأصدقائه أذا ما ترك السيارة تمر من امامه لتقتل من كان يحميهم ...

وكان الشهيد عثمان العبيدي يعلم أيضاً_لانه سباح محترف_ انه سوف يتعب ويضنيه الاعياء من جراء انقاذ الغرقى وانه ربما سوف يغرق , الا ان آثر الاخرين على نفسه التي قدمها لأجل هؤلاء الغرقى الدين كانوا بحاجة ماسة الى يد العون من قبل اي انسان ...

ومثلما كان الشهيد عثمان العبيدي واعياً لفعله الذي يقوم به , كان الشهيد أبراهيم الموسوي أيضاً واعياً ومدركاً لتصرفاته التي حددت مصيره وجعلته ينتقل من هذه الحياة الى تلك الحياة الاخرى التي هي خير وابقى...ومثلما نظر عثمان العبيدي لهولاء الغرقى من منطلق الأخوة الانسانية منتزعاً قيود الاثنية والعرقية والصراعات والطائفية التي استشرت في عقول الكثير من ابناء العراق اليوم , كان ابراهيم ينظر _ايضاً_ بعين الاخوة الانسانية متجرداً من كل حواجز القومية والاختلافات والخلافات التي تعصف بالعراق في هذه المرحلة الحرجة من تاريخه المعاصر...

ومثلما وقفنا كلنا باحترام امام فعل عثمان العبيدي , كذلك نقف اليوم بتقدير امام تصرف ابراهيم الموسوي بحيث لانشك يوماً ان هذين الفعلين سيبقيان مناراً وقدوة للكثير باعتبارها تصرفات نموذجية على العالم عموماً والعراقيين خصوصاً ان يضعوها في بالهم لكي نصدق حدسنا الداخلي الذي يؤكد على انه مهما كان الليل داكناًًَ متلحفاً بظلامه متلبساَ بسدوله فأن تباشير الصبح ذو الندى الرطب الجميل ستلوح في أفق العراق الجريح الذي ينزف منذ عشرات الاعوام.ملاحظة حزينةأنضم الشهيد مفوض الشرطة أحمد (ولا أعرف للأسف أسم والده او لقبه) الى قافلة هؤلاء الابطال بعد ان اعترض طريق الانتحاري الذي فجر نفسه في سوق شعبي في الحلة قبل يومين حيث حضن الشهيد احمد , الانتحاري المجرم من اجل أن يمنعه ان يقتل اكثر عدد من الناس...

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك